العدد 2413
الأحد 24 مايو 2015
banner
مواطن ضد الصدمات! أسامة الماجد
أسامة الماجد
سوالف
الأحد 24 مايو 2015

خير ما يجب أن يفعله المواطن مع قضية الشارع الأولى “اللحوم” هو أن يتقبل الوضع والتخلص من الأوهام كالحرمان من تذوق اللحم لفترات طويلة، ومثل هذه الحالات التي تأتي بين فترة وأخرى. هناك نظرية اقتصادية مفادها أن الأسواق تميل عادة للتريث، وأن المستثمر لا يستجيب بسرعة للأنباء الاقتصادية فوز إعلانها، وربما يرجع ذلك لحرص الناس على عدم التسرع في إصدار الأحكام!
المطلوب من المواطن الذي “يولول” على قضية رفع الدعم عن اللحوم أن يعيد تقييم الموقف ويحسبها على المدى الطويل لاسيما، وأن الحاجة لرفع الدعم عن بعض المواد أصبح ضروريا؛ من أجل التنظيم وفائدة المواطن في المقام الأول. ربما نختلف على مبلغ خمسة دنانير للزوج ووثلاثة دنانير ونصف الدينار للزوجة وبقية الحسبة، ونرى بأنها قسمة غير عادلة، ولكن لا يمكن أن نرفض تنظيم عملية الدعم التي كنا نطالب بها منذ سنوات. تطبيق إستراتيجية ذهاب الدعم للمواطن ومنذ الآن خطوة موفقة، بيد أن الملاحظة الوحيدة تكمن في قيمة التعويض المادي، ويمكن وضع السؤال على النحو التالي: هل ستضمن الحكومة عدم التلاعب بالأسعار واستغلال التجار للمواطن في ظل عدم وجود شروط واضحة؟ وهل ستفي تلك المبالغ المذكورة باحتياجات المواطن وتوفر له كمية اللحم الذي يريده؟
قبل سنوات، ارتفع سعر الرمل ووصل إلى أرقام خيالية، وعانى الكثير من المواطنين من خطورة توقف مشاريعهم، بل وتجمدت مشاريع بالفعل، وتعرض المواطن لخسائر مالية كبيرة. ثم حدثت القصة نفسها مع الحديد الذي ارتفع سعر الطن إلى أضعاف مضاعفة وبلغ منزله من الغلاء لم نشهد لها مثيلا من قبل، ووجد المواطن صعوبة في الشراء واستكمال مشروعه. أتذكر حينها السوق خرج عن السيطرة واشتد وقع الأزمات على التجار الصغار ثم على المواطن، والذي كان اكثرهم تضررا.
وقبل نحو عام تقريبا ارتفع سعر كيلو “الطماط” ووصل إلى دينار بالتمام والكمال بعد أن كان يباع الكيلو بـ 300 فلس ثم عاد إلى سعره نفسه. ومن يعلم قد يترفع في الغد كيلو “البطاطا” و”الخيار” و”الروتي” و”البيديان”، وهذا اتجاه طبيعي طالما دولنا تعتمد بشكل مطلق على الطلب الخارجي “الاستيراد” الذي قد يضعف أو يتوقف حسب العرض والطلب وتقلبات السوق العالمية والمشكلات الاقتصادية وحالات الركود.
علينا أن ندرك بصفة أساسية أننا في عالم متغير ولا مناص من التأثر بالمتغيرات الاقتصادية التي تموج بالعالم، فنحن كنا نتلقى الدعم من الحكومة لأكثر من 30 سنة وشاركنا في الدعم الأجنبي، الحكومة وفرت السلع والخدمات الأساسية بأسعار تعتبر الأدنى خليجيا وعربيا والجميع يعرف ذلك، ولكن لأهمية قصوى تم اتخاذ هذه الإجراءات، وهي رفع الدعم عن اللحوم وتخصيصه للمواطن فقط، وفي تصوري عند إخراج هذا البرنامج إلى حيز التنفيذ العملي في شهر أغسطس المقبل سنعتاد الأمر، ولن تكون هناك مفاجآت كبرى وخسائر فادحة كما يروج لها البعض في وسائل الإعلام.
سبحان مغير الأحول، هناك مواطنون لا يقتربون من اللحم إطلاقا؛ لأنه يضر بصحتهم ويسبب لهم أمراضا. سنوات طويلة وهم مقاطعو اللحم ونسوا حتى شكله، ولكنهم اليوم نجدهم “يصارخون” ويتوعدون ويرفضون قرار رفع الدعم وكأنهم يريدون تذوقه من جديد. كنا نلوم الحكومة على استفادة الأجنبي من دعم السلع الأساسية، وأنه لا يمكن مشاركة الأجنبي في خيراتنا، وعندما تم تطبيق القانون الذي كنا نريده “زعلنا” وأصبحنا نتحدث عن خسائر فوق التوقعات.
كما قلت.. خير ما يجب أن يفعله المواطن هو أن يتقبل الوضع، ويكون ضد الصدمات!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية