العدد 2485
الثلاثاء 04 أغسطس 2015
banner
بحريني في البرلمان الإيراني! راشد الغائب
راشد الغائب
تيارات
الثلاثاء 04 أغسطس 2015

أقتبس حوارا جرى في مساء يوم صيفي، من العام 1957، بعد صلاة المغرب، بين القيادي البارز بهيئة الاتحاد الوطني السيد علي كمال الدين، ومبعوث من شاه إيران، لمقر سكن الرجل البحريني في النجف الأشرف بالعراق:
- يا مولانا... صاحب الجلالة (الشاه) يخصكم كثيرا بالسلام، ويتمنى لكم دوام الصحة.
- وعليكم وعليه السلام ورحمة الله.
- الشاه يعلم ما أصابكم من الإنجليز المستعمرين، ولهذا يدعوك الشاه أن تأتوا إلى إيران معززين مكرمين.
- لماذا أذهب إلى إيران، وأنا هنا مرتاح، بجوار مقام جدنا، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام؟!
- إن الشاه سيكرِّمكم بأن تكونوا عضوا في البرلمان الإيراني، وبحيث تشغلون المقعد الشاغر الخاص بلواء (محافظة) البحرين، والدعوة مفتوحة لكم ولعائلتكم الكريمة.
- يا أخي... بلِّغ الشاه شكري وتقديري، واحمل له اعتذاري الشديد.
- ربما يطلب مني جلالته معرفة سبب الاعتذار، فماذا سأقول له؟
- إنني من حيث المبدأ لا أقرّ، ولا أعترف، أن البحرين تابعة للدولة الإيرانية، ولم تكن كذلك، بأيّ شكل من الأشكال على مدى تاريخها الطويل، وبلادي جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير، فكيف يريد الشاه أن تصبح البحرين عن طريقي تابعة لإيران؟! ثم إنني لم أخرج من البحرين بسبب خلافات مع الحكومة، فالخلافات يمكن أن تحل إذا حسنت النوايا، ولكنني أخرِجت من بلادي على يد الإنجليز، والمستشار البريطاني بلجريف بالذات، الذي كنا ومازلنا نرفض هيمنته على جميع مفاصل الدولة، بصورة استبدادية تعكس بشاعة الاستعمار، وسنعود إلى بلادنا إن شاء الله، بعد أن تتخلص من هذا المستشار المستبد.
- شكرا... مع السلامة.
- مع السلامة.
لقد شكّلت هيئة الاتحاد الوطني (1954 - 1956) صمام أمان للوحدة الوطنية، وأطفأت “فتنة محرم” الشهيرة، التي أشعلت نارا طائفية، قسَّمت جسد الوطن.
لقد عاد السيد علي كمال الدين لوطنه في عام 1969. ورحل إلى الرفيق الأعلى في 16 يناير عام 1975 (4 محرم) بعد إصابته بجلطة في الدماغ.
تغيب هذه القصة المهمة، وسيرة هذا الرجل الوطني، من الكتب المدرسية، ولا تحضر أيّة إشارة للقصة أو الرجل أو مواقفه في مختلف التقارير التاريخية، التي شاهدتها بقناة البحرين الفضائية، خصوصا في الأيام الماضية، والتي تفتقر إلى الجودة التامة والمهنية المطلوبة، بدلا من نقل المعلومات المكررة من “الشيخ غوغل” وأمثاله.
وأشكر محمد حسن، نجل القيادي الراحل السيد علي كمال الدين، على أرشفته جانبا من التاريخ الساطع لوالده، عبر كتاب “على ضفاف الوطن”.
وأنوّه إلى أن المؤلف محمد حسن كمال الدين شاهد على تاريخ البحرين من مواقع متعددة، سواء وزيرا سابقا للدولة، وعضوا بمجلس الشورى لثلاث دورات، وعضوا بالمجلس التأسيسي في العام 1972 الذي وضع دستور البحرين فضلا عما قدّمه للمكتبة الوطنية، من إصدارات ومؤلفات مهمة في مختلف المجالات.

تيار
“عندما يكون الحديث عن المال، فإن كل الناس على دين واحد”.
فولتير

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .