العدد 2551
الجمعة 09 أكتوبر 2015
banner
الشوفينية الجديدة زينب الدرازي
زينب الدرازي
الجمعة 09 أكتوبر 2015

تعددت التعريفات للشوفينية، خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن يمكن رصد ان المصطلح بدأ يتداول بعد حرب نابليون التي اكتسح فيها اوروبا، وقد عنى - التعصب الأعمى للقائد نابليون واتباع سياسته بشكل اعمى وتقديسها -. ولعل اطلاقها على حرب هتلر – الحرب العالمية الثانية – لنفس السبب حيث مجد هتلر المانيا والشعب الآري واعتبره فوق الجميع.
 والتعصب لا يطلق في وقتنا الحالي على الوضع السياسي بل تجاوزه لكل تعصب اعمى يلغي الآخر، كما يحدث في تعصب الرجال ضد حقوق المرأة او تعصب الحركة النسوية ضد الرجل او التعصب الديني الذي يكفر العالم ويمجد دينه او طائفته على حساب باقي الاديان والطوائف.
ولعلنا اليوم نعيش شوفينية دينية اسوأ من شوفينية الحروب الصليبية في المنطقة العربية.
 وحيث تمسك رعاة الكنيسة الكاثوليكية آنذاك بفكرة ان المسيحية هي الدين الذي يجب ان يسود لأنه الدين المختار الذي سيطهر البشرية ويقضي على البرابرة العرب وتعود القدس حج المسيحيين للمسيحيين، نرى اليوم نفس الظاهرة ولكن للأسف اسلاميون تحكم عقولهم فكرة ان الدين الاسلامي الذي تعتنقه الشعوب العربية ليس الدين الاسلامي الصحيح ويجب تصحيحه وهذا التصحيح لا يأتي بشكل سلمي وتبشيري ولكن بقوة السلاح والقتل اليومي المجاني لكل من يخالف هذه الفكرة.
لقد زحفت الجيوش الصليبية لتقتل العرب ولكن ما نعيشه اليوم هو قتل العرب والمسلمين للعرب والمسلمين الآخرين.
وترتبط الشوفينية بفكرة ان تكون لفرد واحد - قائد المجموعات الاسلامية الاصولية – كل الصلاحيات الربانية، وهي فكرة تسيطر على الفكر الشوفيني المتعصب، فنجد القائد هو القائم على امر الجماعة وموجه ومخطط لسياساتها، متصرف بشكل كامل في مصيرها وكل ما يقوله يعتبر قانونا وسنة متبعة. وهذه المنزلة اغرت الكثيرين بتشكيل جماعات دينية وتنصيب انفسهم زعماء حتى تضاربت هذه المجموعات مع بعضها ونست هدفها وأصبحت تتخبط إلا في أمر واحد قتل الناس الابرياء، وقتل بعضها بعضا حتى انتهت إلى استراتيجية نهائية تبرر بها لماذا تتحارب فيما بينها وهي تدين بنفس الدين وتعبد نفس الإله وتسير على تعاليم نفس القرآن والسنة النبوية وتكن التقديس.
 فلم تجد ما يبرر قتل الارواح وتخريب البلاد العربية وتقطيع اوصالها غير ذلك، حتى وصل الأمر ببعضها للاستعانة بالصهيونية.
وتوصلت جميعها إلى استراتيجية واحدة تبرر بها كل بشاعات القتل التي تقوم بها وهي نشر الدين الاسلامي الصحيح على طريقة فرقتها الناجية وذلك عبر نيل الشهادة للغداء مع الرسول والفوز بحور عين.
 ولا نعرف كيف ان هذه الاستراتيجية تقنع اتباع الامير بالموت من اجله وقتل اهلهم وعائلاتهم، المخالفين لهم بالإضافة لكل من يخالفهم في الوطن العربي الجريح.
 لقد استعان هتلر، رغم اجرامه، بالشوفينية في جعل المانيا تتوحد وترهب العالم ولخوف العالم منها عمل جاهدا على تحطيمها وتقسيمها.
بينما يختلف العالم على محاربة التيارات الاسلامية الشوفينية العربية فهي تسدي للبعض منهم خدمة، وتقوم عنهم بما كانوا يحلمون به من تقسيم وتهجير وتفقير وقتل وكل ما يمكن ان يكون اساسا لتقدم فكري او اقتصادي واجتماعي مما حدى بالصهيونية عدوة العرب الأولى ان تكون اول من يقف مع بعض هذه التيارات ويقوم بتقديم خدمات صحية واستخدام سلاحها الجوي في ضرب المواقع السورية التي تشكل خطرا على هذه التيارات، بينما يخاف البعض الآخر من ارتداداتها عليه بعد انتهاء مهمتها الاصلية.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية