العدد 2419
السبت 30 مايو 2015
banner
رفع الدعم عن اللحوم ومناهضة التمييز زينب الدرازي
زينب الدرازي
السبت 30 مايو 2015

أثار القرار الأخير الذي اتخذته الحكومة برفع الدعم عن أسعار اللحوم الكثير من اللغط. وبعيدًا عن مناقشة الأسباب التى كانت وراء القرار،  فإن تحديد الدعم الموجّه للأسرة تعويضًا عن رفع الدعم بنسب متفاوتة بين الرجل والمرأة، بحيث يحصل الرجل على خمسة دنانير والمرأة ثلاثة دنانير ونصف، تعيد من جديد إلى الواجهة الفكر الجندري الذي يقف وراء هذه النسب. والمقصود بالفكر الجندري الفعل التميزي بين الرجل والمرأة على أساس الجنس. فالأفكار النمطية في المجتمع تؤكد باستمرار تفوق الرجل على المرأة لأنه رجل، وتقلل من شأن المرأة بكل بساطة لأنها امرأة. إلا أن تصديق البحرين على اتفاقية مناهضة التميز ضد المرأة «السيداو» التي تناهض التميز وتعرفه بأنه «أي تفرقة أو استبعاد أو تقيد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو غرضه النيل من الاعتراف للمرأة، على اساس تساوي الرجل والمرأة، بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر  أو إبطال الاعتراف للمرأة بهذه الحقوق أو تمتعها بها وممارستها لها بغض النظر عن حالتها الزوجية». وتنص المادتان 4 و5 من دستور البحرين على أن “تكفل الدولة المساواة، وأن جميع المواطنين متساوون أمام القانون، ويحظر كل تمييز على أساس نوع الجنس”. هذا إضافة إلى أن مملكة البحرين عضو في الأمم المتحدة، وميثاق الأمم المتحدة يؤكد الإيمان بالحقوق الاساسية للإنسان وأن للرجال والنساء حقوقًا متساوية. كذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يؤكد مبدأ عدم التميز. والعهدان الدوليان الخاصان بحقوق الإنسان والذي صدقت عليهما حكومة البحرين ينص على أن “الدول الأعضاء عليهما واجب ضمان حق الرجال والنساء في التمتع على قدم المساواة بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية”. وبناءً على كل ما سبق قامت مملكة البحرين من خلال المجلس الأعلى للمرأة بالعديد من الورش التدريبية والمؤتمرات لتمكين المرأة سياسيًّا واقتصاديًّا ومحاولة تغير النظرة النمطية للمرأة ونشر قيم حقوق الإنسان والتأكيد على أهميتها. بل إن مملكة البحرين قدمت تقريرين للجنة المعنية بالقضاء على التميز ضد المرأة يتخللهما الخطوات القانونية والتشريعية وغيرها من الخطوات التي تصب في الحد من التميز ضد المرأة. وبعد أكثر من أربعة عشر سنة من هذا التأهيل للمجتمع لتغير نظرة التميز وعدم المساواة للمرأة والتي كلفت الدولة مئات الآلاف من الدنانير، يأتي قرار رفع الدعم عن اللحوم و فرض نسب تميزية على أساس الجنس لينسف كل هذه الجهود وليعود بالبحرين للمربع الأول فيما يتعلق بالموقف من المرأة وعدالة قضيتها.
عندما يكون التمييز من جهة خاصة فإن العقاب يجب أن يشمل مرتكب التميز والدولة إذا لم تقم بدورها في منعه، كأن لا يكون هناك قانون يمنع التميز والعنف ضد المرأة حسب المادة 16 من اتفاقية مناهضة التعذيب. حيث إن من قام بالتميز يعاقب لارتكاب الفعل وتعاقب الدولة لأنها قصرت في قيامها بردع هذا التميز. وفي حالتنا هذه فإن التميز جاء من الدولة نفسها. كما أن هذا التميز يحوي بشكل غير مباشر على عنف من الدولة ضد المرأة. تظل المرأة دائمًا رغم كل الشعارات التى تطرح والاتفاقيات التى يصادق عليها، العامل الأضعف الذي يضحي به في أي أزمة تواجه حكوماتنا. فعوضًا عن إيجاد حلول لا تكون على حساب المرأة كونها مواطنة ذات حقوق متساوية يتسابق الجميع في تهميشها واستضعافها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية