العدد 2377
السبت 18 أبريل 2015
banner
الإبحار من الشرق إلى الجنوب زينب الدرازي
زينب الدرازي
السبت 18 أبريل 2015



أميركا حسمت أمورها وأعلنت قرارها أخيرا، لقد نضجت الأمور وحان وقت القطاف، قد يبدوا أن الثمر ليس ناضجا بما فيه الكفاية ولكن الوقت كفيل بذلك. انتهى وقت المراوغة مع ايران ووقت تصفية ما تبقى من امور عالقة مع كوبا وانتهت الأمور نهاية سعيدة كما القصص والأفلام الاميركية، سندريلا تزوجت الامير الساحر والأميرة النائمة استيقظت بفعل الحب الصادق. اليوم نعيش حالة من الانقلاب من الشرق باتجاه الجنوب، فالمشروع جاهز والرؤية واضحة. دولة مثل اميركا وتوابعها لا تعيش اللحظة او الحلم بل تعيش الواقع وتديره بعقلانية دقيقة. لقد حاولت كسر ايران ما يقارب الأربعين عاما ووجدت أخيرا وأيضا نتيجة تسارع الأحداث ان تحيدها افضل من محاربتها. فمادامت غير قادرة على كسبها في صفها فمن الافضل الحياد في الوقت الراهن. اعترفت اميركا بإيران قوة نووية وبذلك تم تقييد ايران بكل المواثيق والمعاهدات الدولية التي ستحد من تهورها لو شاءت، كما حيدتها ايضا فيما يتعلق بدولة صهيون. اميركا وهي تملك قضية تدافع عنها وجدت ان الدبلوماسية والحوار الحل مع ايران التي ادت سياسة اميركا في الشرق الاوسط الى تمددها وتمدد هيمنتها ونفوذها، فقد وجدت بعض الاحزاب والمنظمات السياسية المعارضة في ايران منقذها وسندها في صراعها مع حكوماتها، مما خلق حالة من التوجس والقلق لدى اميركا وشركائها من تمدد النفوذ الايراني خصوصا بعد نجاح ايران في خلق علاقة وشراكة مع حزب الله عدو اسرائيل وأميركا الاول في المنطقة، ليتمدد هذا النفوذ فيشمل سوريا والعراق، وعليه حاولت اميركا جاهدة خلال السنوات السابقة القضاء على حزب الله وتفتيت الجيش السوري لإضعاف كل ما يهدد الكيان الصهيوني. لقد نجحت في تفتيت العراق وسوريا وبذلك اضعفت حزب الله وحدت من قدرة ايران في هذه الدول حتى ان لم تستطع فك ارتباطها بهم. لقد أنهت مهمتها وتركت العالم العربي في حالة من الفوضى التي تتطلب اكثر من 100 سنة لإعادة البناء نتيجة لأفقهم المغلق الرافض للتجديد والبناء للأمام. تعي اميركا ان استمرار الصراع يعني اضعافا واستنزافا لإيران وحلفائها وبالتالي انشغالهم في لعبة قد تستمر سنوات. فرغم ان اميركا لا ترغب بتمدد النفوذ الإيراني في اليمن إلا انها تعي أن استنزاف ايران وأنصار الله في حرب طويلة افضل من الدخول في حرب مباشرة معهم. كل هذه المؤشرات توحي بأنه حان وقت الانقلاب من الشرق للجنوب. فمع تأمين استقرار الوضع من وجهة النظر الاميركية في المنطقة وسرعة تنفيذ بعض القرارات كرفع اسم كوبا من القائمة السوداء الاميركية توحي بأن موعد الرحيل قد لا يتجاوز نهاية شهر يونيو، وان التوجه نحو بحر الجنوب باتجاه الصين وجنوب شرق آسيا قد حان. عندما تملك مشروعا تصبح الرؤية واضحة، فأنت لا يمكن ان تنفذ الخطة “ب” قبل الشروع في الخطة “أ” إلا عندما لا تملك مشروعا ووضوح رؤية كما يحدث اليوم في الوطن العربي من تخبط سواء على مستوى السلطة أو أحزابها وبرلماناتها السياسية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية