العدد 2335
السبت 07 مارس 2015
banner
فلسطين البوصلة زينب الدرازي
زينب الدرازي
السبت 07 مارس 2015



عند الحديث عن فلسطين تشعر بالكثير من الأسى للوضع الذي وصل اليه الإنسان العربي في مواقفه تجاه قضيته الأولى “فلسطين”. أحد كبار المحللين السياسيين في البحرين تحدث بأسى وألم عن كيف ان الشعب العربي بعد ان فقد بوصلته باتجاه القدس فقد ما يناضل من اجله، فقد المشترك الذي كان يوحده وبدأ في قتال بعضه البعض. فأين نحن اليوم من فلسطين، من المسجد الأقصى اولى القبلتين وثاني الحرمين. نتذكر اليوم المظاهرات العربية الحاشدة من الماء الى الماء التي خرجت منددة بزيارة الرئيس محمد انور السادات للقدس مصافحا عدو الامة العربية وعدو دينها وكيانها. فكانت زيارته الهزيمة الثانية للأمة العربية بعد هزيمة 1967 أمام الكيان الصهيوني. ولم تتأخر الهزيمة الثالثة للأمة أمام عدوها فكانت اتفاقية اوسلو بين ياسر عرفات ورابين القشة التي قصمت ظهر الأمة العربية وأنهت ما تبقى من رباط بين المواطن العربي والقضية.
لا دخان من غير نار، فحتى تحول بوصلة المواطن من قضيته الاولى والكبرى يجب كسر ارادته وإخضاعه وإيجاد حاضنة اجتماعية تحضن وتدافع عن الاتجاه الجديد، وهذا ما حدث عندما قامت الانظمة العربية واحدة تلو الاخرى تطبع مع العدو الصهيوني وتبرر اللقاءات مع قياداته ودعوة وفوده للمنتديات الاقتصادية، بل وصل الأمر لفتح سفارات له في اراضيها وقنصليات في بعضها حتى انتهينا برفع المقاطعة وإغلاق جميع مكاتب مقاطعة العدو الصهيوني سواء الاقتصادية ام الثقافية. اليوم نحاول ان نضع تبريرات ونحلل لماذا وصلنا الى ما نحن عليه من تجزؤ وشقاق وتحولنا لطوائف وأعراق تكره بعضها وتحارب بعضها عوضا عن محاربة عدوها الأزلى واستعادة كرامتها. كان المحللون السياسيون وهم يقرأون الخريطة العربية السياسية يتنبأون بانفجار شعبي هائل يزيل الهياكل السياسية القديمة ويحل محلها هياكل وطنية تعود بالمواطن العربي الى الطريق نحو الحرية، نحو كرامته التي اهدرت لأكثر من اربعين عاما. إلا ان هذه القوى الثورية في اوج ثورتها وغضبها اعتقدت انها قادرة على مسك زمام الأمور وتناست ان السياسة وقيادة الشعوب لا تقوم على العواطف الثورية والأمنيات بل تقوم على وحدة مكونات الوطن في رؤيتها السياسية وإلا عوضا عن الوصول للمشترك ستتشتت وتتجزأ بحيث تقاتل بعضها بدل قتال عدوها.
للأسف ما أنتجته ثورات الربيع العربي التي انهزمت امام نفسها عندما تجاهلت القوى الأخرى المحيطة بها سواء المحلية او الاقليمية والعالمية، وتناست اكثر من اربعين عاما من إعلام موجه يلقب الأمور بحيث تصبح المقاومة الفلسطينية هي العدو والثورات هي مجموعة من الارهابيين المخربين والعدو الصهيوني هو الحليف. لقد استطاعت الانظمة الاستبدادية ان تحول المواطن من مواطن يحمل في قلبه حب الوطن والوحدة العربية والوطن العربي الواحد الى شعوب تطالب بالانفصال والتجزئة كحل، وتحولت السلطات وبعض الاحزاب إلى عدو للقومية العربية، ويلجأ حين يحاول علاج مشاكله للطائفة والمناطقية. وأصبحت السلطة البوصلة عوضا عن الأرض والوطن والتاريخ المشترك. ويظل الأمل هو سيد الموقف والتاريخ سجال وللمواقف نساء ورجال.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية