العدد 2552
السبت 10 أكتوبر 2015
banner
ضحايا إيران و”متلازمة ستوكهولم”! سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
قهوة الصباح
السبت 10 أكتوبر 2015

أن يحب السجين سجَّانه، وأن تنتشي الضحية بقاتلها، وأن يهيم المختطف بخاطفه، فتلك عقدة سيكولوجية كبرى.
في علم النفس تسمى بعقدة استوكهولم، هي تنطبق تماما على علاقة محبي إيران وعاشقيها، وقبل تشريح العلاقة بين محبي إيران وإيران، دعونا نسلط الضوء على جذر عقدة استكولوهم “متلازمة ستوكهولم هو مصطلح يطلق على الحالة النفسية التي تصيب الفرد عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو من أساء إليه بشكل من الأشكال، أو يظهر بعض علامات الولاء له مثل أن يتعاطف المخطوف مع المُختَطِف”.
أطلق على هذه الحالة اسم “متلازمة ستوكهولم” نسبة إلى حادثة حدثت في ستوكهولم في السويد، حيث سطا مجموعة من اللصوص على بنك (كريديتبانكين Kreditbanken) هناك في عام 1973، واتخذوا بعضاً من موظفي البنك رهائن لمدة ستة أيام، خلال تلك الفترة بدأ الرهائن يرتبطون عاطفياً مع الجناة، وقاموا بالدفاع عنهم بعد إطلاق سراحهم.
منذ نجاح الثورة الإيرانية لم تقدم إيران لمن تفاعل معها أو مع شعاراتها غير البؤس والشقاء ولعنة المنافي والمعتقلات وشهادات الوفاة؛ بسبب التنويم الآيديولوجي والتضليل الإعلامي، كلما زادت حركاتها السياسية الموالية بؤسا ازدادوا فيها تعاطفا وتعصبا.
هل صنعت لهم سعادة؟ لم أسمع أن إيران درست مواليا لها بجامعة، أو بنت له مستوصفا، أو أرسلت فتيانا للفضاء، أو رعت عرسا جماعيا، أو وظفت شبابا بمؤسسات تجارية، أو أدخلت طلابا في دار أوبرا، أو خرجت لبنانيا أو فلسطينيا أو عراقيا في صناعة السيارات أو الطائرات.
نعم، خرجت مهرب سلاح، مفخخا، خطيب فتنة، خاطف طائرة، مفجر موكب أمير، خاطف سياح، متجسس على دولة، أجير يخطط لقتل دبلوماسي، قائد مليشيات... إلخ.
هل سمعتم أن إيران تبنت مشروع بناء مول تجاري بالبحرين أو دبي أو لبنان أو العراق؟ هل سمعتم أن إيران ترعى مهرجانا فنيا أو موسيقيا لنخبة عالمية؟ هل سمعتم أن قناة العالم تكلمت يوما ما عن مفهوم السعادة أو كيف يعيش الإنسان أو يقوي علاقته بقيادته؟ أبدا.
هذا هو تاريخ ثورة إيران: الموت والبؤس، هذه حصيلة السياسة الإيرانية: الغطرسة التي تقود إلى حروب، وخلق جيش من الأرامل واليتامي، والسؤال: فلماذا يتم التعاطف معها؟ تلك هي حقيقة متلازمة استوكهولم الإيرانية.
فَلَو قسنا بمنطق (برغماتي) أو بلغة الأرقام، فهل قدمت إيران لأي محب لها أو متعاطف غير الكلام؟ إيران تمتلك عبقرية إنتاج مصانع لطبع شهادات الوفاة، والمقابر، فهي أسطورة في خلق جيوش من الأرامل واليتامى وخراب المدن، وتهييج الشعوب على ولاتها.
هل علاقة إيران بحزب الله تمخضت عن ولادة جيش من الفلاسفة والمفكرين والمبدعين ورجال الأعمال، أم أنجبت جيشا من اليتامي والأرامل والفقراء والمخطوفين والموتى وخراب البيوت؟ كل من يقترب بأي علاقة إيرانية ستقوده للبؤس والشقاء والضياع.
هل علاقة إيران بالحوثيين حولت اليمن إلى جنة الله على الأرض؟ وماذا حل بعلاقة إيران بالعراق غير خلق جيش من المليشيات المتحاربة والمتقاتلة.
وسياسة إيران دعم كل حزب ونقيضه لتمسك بكل الخيوط, فعشرات القتلى في الثمانينات بين حزب الله وحركة أمل تحت رعاية الـ (رسبونسر الإلهي)، فالأخ يقتل أخاه، ودماء شيعية تراق على يد شيعية، والمغذي والماسك بكل الأوراق ولاية الفقيه تحت إشراف فيلق القدس الإيراني.
في العراق تدعم حزب الدعوة، وتدعم نقيضه المجلس الأعلى وفيلق بدر تحت قيادة محمد باقر الحكيم، في باكستان كانت تدعم عارف الحسيني والنقيض له أيضا، أثناء حكم البعث للعراق كانت تحرض على والد مقتدى الصدر المرجع محمد صادق الصدر وتتهمه بالعماله للرئيس السابق صدام حسين، وبعد سقوط البعث راحت تدعم ولده مقتدى الصدر، وتذرف الدموع على والده، وتحرض مقتدى على السيد السيستاني بمقولة الحوزة الناطقة والحوزة الصامتة.
وكانت تدعو السيد فضل الله لإيران، وفي الوقت ذاته تهيج عليه المراجع أنه “ضال مضل”؛ لكي لا تكون هناك مرجعية عربية، بل مرجعية فارسية تتفرد بالعالم الشيعي، كما كانت تهيج ضد المرجع السيد الخوئي بأنه صامت على ظلم البعث حتى أعطت الضوء الأخضر لمقتدى بقتل ابن هذا المرجع العظيم، الشهيد مجيد الخوئي الذي قتل وسحل بالشارع، وبذلك انتقمت إيران من أبيه السيد الخوئي.
في البحرين، ظلت إيران تنفخ في تجمع الدوار عبر قناة كوبرا العالم، وتهيج لتجد لها موقّع قدم في البحرين حتى سقط خيارها الخائب، وراحت تنشئ مجسدات للدوار في إيران للاستفزاز؛ لتمرير الأفيون، وبعدها راحت ترقص ليل نهار في كل محفل بورقة البحرين للضحك على الذقون.  
وظلت تنفخ في نار المنطقة الشرقية، لكن علماء القطيف والأحساء وهم من المدرسة الكلاسيكية الواعية فوتوا عليها الفتنة، واصطفوا مع القيادة السعودية، هدف إيران واضح صناعة دويلة إيرانية داخل كل دولة عربية، فأنجبت بلبنان حزب الله، والعراق حزب الدعوة والحكيم وعصائب أهل الباطل وحركة النجباء، واليمن قوت الحوثيين وانقلابهم على الشرعية، وأسست في البحرين حركة 14 فبراير المراهقة، إلا أن حكمة وقوة جلالة الملك فوتت عليهم ذلك.
السؤال: متى يستيقظ كل المستخدمين في حطب محارق إيران، إن إيران تتاجر بشعارات العدالة والحقوق والنياحة على التشيع في سبيل الوصول إلى مصالحها، وإنها السبب الرئيس في خلق آلاف الضحايا والأرامل واليتامي في البيوتات الشيعية بسبب تخدير بعض هؤلاء بمخدرات ولاية الفقيه، وأفيون أنها فاتيكان الشيعة، وإنها المتقد والمخلص للمستضعفين وقصة كذبة الشيطان الأكبر... إلخ من النظريات المكرورة والأسطوانات المشروخة التي صدعت رؤوس العالم بها.
متى يفيق محبو ولاية الفقيه من لبنان إلى العراق إلى اليمن إلى البحرين من عقدة استكهولهم العشق للجلاد إيران، ويخرجون من هذا العشق المدمر؟ كل الأمل في العقلاء الوطنيين، وهم الأكثر، ليفهموا أن الإيرانيين أكبر دجالي السياسة، وأن بداخل عقولهم مطحونة ألف شخصية من ميكافيلي وهتلر وكيسنجر، ولكن بجبة ولحية، وأنه لا يمكن أن تلاقى المدنية مع قيادة رجل الدين أو حكومة ملتحية تتحول مع الأيام إلى نصف آلهة إغريقية تقتل الإبداع والحضارة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية