العدد 2485
الثلاثاء 04 أغسطس 2015
banner
بين فردوس النظام الملكي وجحيم الأحزاب سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
قهوة الصباح
الثلاثاء 04 أغسطس 2015



يقول الأديب محمد الماغوط “الموت ليس هو الخسارة الكبرى... الخسارة الأكبر هو ما يموت فينا ونحن أحياء”.. تلك هي قصتنا مع “الربيع العربي”!! هل ثمة عاقل سيقبل بمشروع “الربيع العربي” لو قرأ بعين الغيب نتائجه؟ هل سيبقى الافتتان هو الافتتان، والشهية هي الشهية؟ هل ستتملكنا شهوة الشعار الغاوي؟ هل ستستدرجنا ثعابين لقنوات ا”للي بي سي والسي ان ان” للرضوخ إلى رقصة الموت، والحناء بلون الدم؟ هل ستعانق أعيننا تويتر، ونسمح لآذاننا أن تتغنى بكل ديماغوجيات تصريحات أوباما الخائبة وهي تحفز الشباب نحو الهرولة لميادين الانتحار والمسالخ السياسية؟
 هل ثمة رمز سياسي عاقل أوحى للشاب عن “مكر التاريخ” لهيجل أو برغماتية ميكافيلي، أو انه كما كان في هولندا طواحين هواء كان على الصحراء العربية ألف سراب وسراب تحسبه الجماهير ماء؟ لماذا تغافل حيتان الأحزاب كل النقد الذي سكبه ادونيس محذرا من شراك ومكائد وألغام هذه الديمقراطية المشتهاة غير الواقعية؟ لم يكن ربيعا، كان بعيرا.
العرب كان ينقصهم حكمة تيليستوي بين “الحرب والسلام” ونقد ديكارت، ورحمة كونفشيوس، وإصلاح فولتير، وشيطنة جان جنيه للغرب، وفلسفة نيتشه للجمال!! كيف يحلم رمز بديمقراطية، وهو يؤمن بداخله بزنزانة الفكر الايديولوجي؟ فألف باء المجتمع المدني فصل الدين عن السياسة!! كيف تستقيم للجماهير العربية المؤدلجة حد النخاع برجال دين أن يتصالحوا مع مبدأ الحرية الفردية؟
 ذهبت النشوة وبقت الفكرة، فقد الشارع العربي بربيعه أغلى الشباب، وأجمل الأرواح، تكدست جثث، امتلأت معتقلات وسقطت عواصم بين أسنان تماسيح مؤدلجة، ومريضة بالعنف، وتلقى الاقتصاد العربي ضربات موجعة، وراحت الدول الغربية تتقيأ على الربيع صفقات أسلحة بمليارات كانت تنفق على التنمية، وراح الكل جاهرا إن امتلك الشجاعة أو هامسا “ليت الذي جرى ما جرى”.
أصبحنا نلقي الحجارة على نوافذ بَعضنا البعض، وأصبحنا كما قال مظفر النواب “قتلتنا الردة، قتلتنا أن الواحد منا يحمل في الداخل ضده”، وأصبح التخوين وجهة نظر، وانشغلنا ببعضنا، ووحدها إسرائيل آمنة مستقرة تضحك على غبائنا.
 لبنان المقاومة منشغل بسوريا، والعراق في قبضة العنف والفساد، اقرأوا التاريخ: العراق الجميل... عراق الملك فيصل وغازي ضاع بذبح الملكية على مسلخ انقلابات الضباط الأغبياء المسكونين بنهم السلطة، وملكية مصر فاروق تحولت إلى ضياع بسبب ثورية غير واقعية، وملكية ليبيا ضاعت بانقلاب معمر الذي استحال إلى مليشيات واليمن إلى يمنين ثم بقبضة حوثيين وحروب!! هل هذا يسمى ربيعا؟ ولو نفهم التاريخ لأعدنا حساباتنا خليجيا، لحفظ أمننا.
ضعوا يدكم بيد هذا الملك القادم من منجم التاريخ ذهبا وماسا، ليجمل جزيرته بالأحجار الكريمة زمردا وياقوتا، ملك لجم الرياح باحتياط صبره وحارب العواصف بحنكته وقلبه في سبيل إفهامكم أن البحرين وإن كان فيها بعض من نقوصات، فهي أجمل ألف مرة من عراق ممزق جائع، وليبيا متشظية، ولبنان منقسم بلا رئيس، ويمن مرهون للعذاب، وتونس منذور للتفجير.
لا عليكم من سوسة السفارات، ورقصات المنظمات الحقوقية التي تبحث عن تمويل، ليس هناك دولة افلاطونية، وكم يحسدنا شعوب على ما نحن عليه، ضعوا يدكم بيده ستجدون الحياة أجمل، وستكبر التنمية، وسيعود فرح سرقته من قلوبنا شعارات الربيع القاتلة.
أين هي ثورات الماركسيين والشيوعيين والقوميين والإسلاميين طيلة التاريخ عندما رفعوا الشعار الجميل وعندما حكموا؟ لماذا تفكك الاتحاد السوفيتي، ولماذا نصف الشعب الإيراني جائع، ولماذا العراقيون على الأرصفة، ولماذا اللبنانيون موزعون على خارطة العالم؟ تكبر الديمقراطية بالثقة والعقل والواقعية السياسية، والأمل وبسياسة الخطوة خطوة.
حفظ الله مملكتنا الغالية بقيادة مليكها الحكيم، الفارس الأنيق، والطيار الحاذق الجميل، والأكاديمي الرفيع الذي أعاد ترميم الحكاية.
نعم فلندعم نبوءته المزدانة تطلعا ورحمة “إن أجمل الأيام يوم لم يأتِ بعد”، ستكون البحرين هي الأجمل.
 سلمت أبا سلمان، وسلم شعبك، كل النجوم تضيء وتأفل، وحدك أنت تبقى في السماء.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .