العدد 2551
الجمعة 09 أكتوبر 2015
banner
شهوة التوسع الإيراني خالص جلبي
خالص جلبي
الجمعة 09 أكتوبر 2015

في عام 1938م التهم هتلر النمسا، قال يومها نحن شعب واحد، فهو من مواليد مدينة لينز على الحدود الألمانية النمساوية. ثم إن فيينا وبرلين عاصمتا الثقافة الجرمانية والشعبين يتكلمان لغة واحدة فلا تكاد تفرق بين البلدين بشيء.
بعدها زادت شهية هتلر لالتهام الجديد. قال عن جمهورية التشيك إن منطقة السوديت هي جرمانية منذ ألف عام، ويجب أن تلتحق بالبلد الأم ألمانيا الرايخ الثالث؟ هتف المتعصبون هنا وهناك ان هذا عين اليقين، ففي البقعة المباركة عظام القديسين من قبائل التيوتون؟ وفي حركة سريعة التهم هتلر السوديت فذابت في حلقه ألذ من موزة في حلق قرد جائع.  
هنا ساد الذعر أوروبا أين سيضرب هتلر من جديد؟ سيدة أوروبا في ذلك الوقت ومالكة القارات والبحار كانت بريطانيا العظمى التي لا تغيب الشمس عنها.
أرسلت بريطانيا وزير الخارجية تشمبرلين ليتفاهم مع هتلر أن بريطانيا غضت النظر عن تناول هاتين الوجبتين الشهيتين، كما هو الحال في التهام الدب الروسي سوريا بأشد من قضم سمك السلمون في نهر فرايزر الكندي؟
هرع الرجل إلى ألمانيا فأحسن هتلر وفادته وكان اللقاء في ميونيخ من مقاطعة بافاريا الألمانية الجنوبية.
اتفق الطرفان على أن هتلر لا يريد إلا السلام، ثم هل نسيتم الأولمبياد التي أشرف هتلر على تدشينها من قبل عام 1936م؟
همهم الجميع حسنا إن هتلر سيد البرية في السلام الأبدي الذي عنونه الفيلسوف الألماني كانط بكتابه نحو السلام الشامل (Zum ewigen Frieden).
يذكر التاريخ أن الجميع هلل للإنجاز وأن بريطانيا اشترت الوعد الهتلري ربما بثمن ليس بخسا بل ببيع بلدين وضعهما هتلر في جيبه.
إنها ضريبة شهوة التوسع وتلبية رغبات الطغاة وإسكات جوعهم الذي لا يعرف الشبع.. أليس كذلك؟
يذكر التاريخ كذلك أن تشمبرلين لما أقفل عائدا من ألمانيا خرجت جموع غفيرة تهتف للسلام المزعوم؟ لكن الوحيد الذي كان يعرف الحقيقة الصادمة الحزينة المريرة هو تشمبرلين الذي تكلم بلسانين ظاهره الرحمة وباطنه العذاب؟ ومنذ لحظة ترجله من السيارة أسر لمن حوله إنها الحرب يا قوم فاستعدوا لها ولن يوقف نهم هتلر حد وحدود.
بعدها بدأ الفوهرر (Fuehrer)  وهي كلمة تعني القائد أو الزعيم باللغة الألمانية يتحدث عن ممر دانزيج ويكرر أن الشعب الألماني أصله من بروسيا (Preussen) وهناك الملايين من الألمان يحتاجون لهذه الأرض ويجب مسح بولندا من الوجود؟
لم يخيب الطاغية ستالين ظنه فقال له ما رأيك أن نلتهم هذه الوجبة الساخنة بأفضل مطعم تاريخي، وهكذا طار ريبنترب وزير خارجية الرايخ ليصافح مولوتوف الشيوعي الساعد الأيمن لستالين ويتقاسما بولندا بعد دفنها في مذبحة مروعة على مدى أربعة أسابيع تم قتل عشرات الآلاف من خيرة أبنائها.
كل هذا الكلام مفيد لأنه من عظة التاريخ، حاليا بعد التخلص من صدام الذي كان من نفس الفصيلة، بدأت إيران في التمدد، اكتمل مع مجيء المارد الروسي إلى المنطقة.
نحن نعيش إذا في الوقت الرديء من التشظي العربي والعلو الإيراني.
كأني أرى المستقبل في مدى العشرين سنة القادمة وعلت إيران علوا كبيرا.
يفيدنا القرآن أن عاقبة السوء هي السوء، والتاريخ أعطانا الدرس الكبير عن توسعات هتلر أين انتهت وكيف ولدت أوروبا الجديدة، ليس بعنوان ألمانيا فوق الجميع بل ألمانيا مثل الجميع.
هكذا ولد الاتحاد الأوروبي فأصبحوا بنعمة الله إخوانا.
ألا إنه ليس أرخص من العدل، ولا أعظم من الرحمة، ولا أروع من الحب والإيمان.
حين قال لي صديقي أيمن لن تصمد سوريا في وجه المارد الروسي.
 هذه المرة بعد أن دمر البراميلي سوريا يأتي الدور الروسي ليعيد جروزني على امتداد الشرق الأوسط. قلت لصديقي أيمن إن المارد المذكور في القرآن كان جالوت ومن صرعه كان داوود.
ثلاث حقائق تاريخية تقول: كل طاغية نهايته وخيمة. والشعوب قوة لا تقهر، وأخيرا كل غاز سيدحر.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .