العدد 2454
السبت 04 يوليو 2015
banner
حتى لا نفقد الزمام خالص جلبي
خالص جلبي
السبت 04 يوليو 2015



فُجعت الكويت والعالم العربي يوم الجمعة 26/7 بتفجير مسجد الصادق وسقوط الشهداء ومئات الجرحى مضرجين بدمائهم الطاهرة، ليشهدوا بشاعة وظلمة ما يحدث في عالمنا العربي منذ وطئت داعش أرض العراق الطاهرة لتحولها لنهر من الدم ولتتمدد إلى سوريا واليمن، ولتعبر الخليج وتبدأ في بث سمومها لتضليل الشباب وجرهم لمعارك وهمية بسم الله والإسلام فينتهون بتفجير أنفسهم تحت وهم الغداء مع رسول الله في الجنة. ولا نعرف كيف ان جريمة القتل التي حرمها الإسلام ُتدخل فاعلها الجنة بل ويكافأ بأن يتغدى مع أشرف الخلق رسول الله الذي نهى في كل الغزوات عن قتل الأطفال والنساء وكبار السن ونهى عن التمثيل بالجثث، وكل هذا تقوم به داعش، حيث تتفنن في قتل ضحاياها لترهيب أعدائها ليخضعوا لها صاغرين خوفا من بطشها. إن ما حدث في المملكة العربية السعودية من تفجير أودى بحياة أكثر من ثلاثين شهيداً ومئة جريح من الأبرياء الآمنين وهم يؤدون شعائر صلاة الجمعة في أحد المساجد، وتكرار نفس الجريمة في الكويت والتهديدات التي تتوالى لضرب جميع دول الخليج دون استثناء لم تأت فجأة أو من فراغ، فقد حذر كل الحريصين على أمن الخليج وسلامة اهله من هذه الكارثة التي كانت تلوح في الأفق، فإذا كانت الدول العربية من المغرب العربي إلى مشرقه تعاني من آفة الاسلام السياسي المتشدد وكيف يقتل ويذبح ويهتك أعراض الناس في العراق وسوريا، ومصر واليوم في اليمن وتونس وليبيا وبالأمس في الجزائر من الطبيعي مع كل هذا التمدد ان يتوقع الجميع تأثر شباب دول الخليج بهذا الوباء. كل الظروف كانت مهيأة لهم للدخول في هذه التنظيمات والامتثال لأوامرها، حيث يصبح القتل والذبح من الأمور الصحيحة لديهم فهم وقد غسلت عقولهم مستعدين أن يؤمنوا بكل ما يملأ فراغ عقولهم وقلوبهم. ولعل أسهل التوصيفات التي تطلق عليهم هي وصفهم بالإرهابيين، وكأن هذا الوصف هو الحل للمعضلة وسفينة النجاة ووسيلة تبرئ المسؤولين من دم الضحايا والهروب من دموع ولوعة أحبائهم، إن مواجهة هذه المعضلة لا تكون إلا بمعالجة أسبابها، وإطلاق صفة الارهاب لن يحلها، فهي بالنهاية مسألة داخلية تتحملها السلطات ومؤسساتها. لقد تمكنت هذه الآفة من ان تكبر وتنمو نتيجة سياسات خاطئة تم انتهاجها، إن الاعتراف بخطأ هذه السياسات وتعديلها سيكون الخطوة الأولى للقضاء على ظاهرة داعش وأخواتها. نحن اليوم بحاجة لتغيير كل مناهج التعليم لتحمل مبادئ التسامح والتعايش مع الآخر وحذف أية مواد تحمل الكراهية والتفرقة التي تقسم المجتمع إلى طوائف ومذاهب دينية أو اجتماعية. نحتاج اليوم إلى إعلام يوحد لا يفرق، بحاجة لمحاسبة كل من يحاول فك لحمة المجتمع وتمزيق نسيجه ولو من على المنابر. يجب أن لا نقلل من قيمة الكلمة وتأثيرها في الناس، إن الدعوة الاسلامية كانت في الأصل دعوة للتوحيد لا للتفرقة، واليوم ما نسمعه ونقرأه من كلمات في الصحف والمحطات الفضائية غير المسؤولة من كلام يهدم ولا يبني يجب إيقافه ومنعه حتى نمنع عواقبه التي تتحول إلى متفجرات تفتك بالأبرياء. إن الوعي والوطنية لا يأتيان من فراغ بل شيء نتعلمه ونكبر عليه فعندما يهمل المسؤولون القيام بدورهم المنوط بهم تصل الأمور إلى ما وصلت اليه اليوم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .