العدد 2413
الأحد 24 مايو 2015
banner
دخول الحرب ليس مثل نهايتها (4) خالص جلبي
خالص جلبي
الأحد 24 مايو 2015

دخول الحرب ليس مثل نهايتها، يستطيع أي مجنون أن يبدأها، ولكن نهايتها ليست بيده، بل بيد من يمول آلة الحرب، ويملك قدرة إنهائها وصناعة أدوات قتلها.
جرب الأوروبيون كل أنواع الحروب ليصلوا مرغمين إلى دين إبراهيم في سلام الكعبة. كعبة السلام اليوم هي في أوروبا. لم يصلوا إلى هذه النتيجة بأخلاقية بل مرغمون. حين امتلكوا سقف القوة. ألغت القوة القوة. أليس عجيبا.
مع سقف القوة شعروا أنها النهاية، ويمكن تفجير الأرض كلها. وبذلك أعلنوا موت مؤسسة الحرب. وسقط الاتحاد السوفيتي، وهو يملك أسلحة دمار الكون، فلم تغن عنه فتيلا. كانت منطقة كازخستان موطن التجارب النووية، فلم يستفيدوا منها سوى تلويث البيئة لعشرة آلاف سنة القادمة. مشكلة الغرب والشرق اليوم هي ليس بناء أصنان نووية جديدة كما يتلمظ ملالي إيران بل التخلص منها. كانت خمسين ألف رأس أنزلوها إلى خمسة آلاف.
بكل أسف، الغرب الذي يملك تقنيات القوة وأدوات الحرب، مازال يصنعها ويصدرها لقوم لا يعقلون.
الغرب لا أخلاقي والشرق لا عقلاني، خارج إحداثيات التاريخ والجغرافيا. ومن يمارس الحرب هم المجانين العاجزين عن حل مشاكلهم بالحسنى والوعي التاريخي، أو أشباه المجانين من المتخلفين عقليا عن حركة التاريخ، أو لتأديب المتخلفين أحيانا، أو لسرقة المتخلفين وبيعهم خردة انتهت صلاحيتها مثل أي تاجر لص.
هذه هي حرفة بوتين اليوم مع سوريا.
لا حرج من تحويل سوريا إلى جروزني. أحقاد قديمة مع الشيشان. إنه رئيس قسم استخبارات الكي جي بي في ألمانيا الستازي.
كان بالإمكان إقناع بشار البراميلي أن صلاحيته انتهت مثل أي علبة كونسروة فاسدة، وأن الزمن تغير وأهدوا أفضل هدية للشعب السوري في انتخابات نزيهة خارج لعبة المخابرات، ولكن هيهات هيهات لما توعدون.
كان يمكن لطهران أن تقف على الحياد وتنصح العجي ألا يظلم وتستهويه لعبة القوة. كانوا قد قاموا بأعظم إنجاز تاريخي مذهبي والتئم الشرخ السني الشيعي ومعه العلوي بشكل رائع، ولكنه مزيج الجهل والتعصب والشهوة والتدين المقلوب وعدم وعي حركة التاريخ فضلوا ضلالا مبينا.
لابد إذن من الحل الصعب الدموي....
إنها شراهة الإنسان وقلة حيائه وجشعه وطمعه، وهو الفاني الذي سيأكل الدود وجنته وعينيه. حين مات بريجنيف سقط تابوته أثناء الدفن فلما يعبأوا وردموه مكسورا في حطام ونثارة الخشب! فأين عيني بوتين لترى نهايته مسجى في تابوت وكفن وكذلك نصر الله والعجي.
في الحرب العالمية الأولى خرجت السيدة فون سوتنر التشيكية تبشر أن الحرب لن تحل مشكلة؟ أخرسوها.
تابعوا الصدم والصدام. خلال 12 ساعة في وحول السوم وفردان قتل من الإنجليز الشقر 56000 جندي حصدا برشاشات الألمان.
في الحرب الأهلية الأمريكية ظن القوم أنهم مدعوون إلى مباراة وعرس حتى اصطحب بعض الجنرالات المعتوهين زوجاتهم للفرجة (كذا) فدامت أربع سنين حصدت أرواح 600 ألف من الأنام. ومازال جنوب أمريكا يعاني تلك الحرب كما هو حال جنوب إيطاليا، حيث عاث هانيبال فسادا ودمارا. وبزغت النهضة من شمال إيطاليا مثل فسيلة محمية بتعبير توينبي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية