العدد 2229
الجمعة 21 نوفمبر 2014
banner
امرأة تخطب في صلاة العيد (1 - 2) خالص جلبي
خالص جلبي
الجمعة 21 نوفمبر 2014

أعلم أن قصة هذا الحدث متأخرة بعض الشيء ولكنها الحدث الحيوي بذاته في كل وقت، ولم يكن هذا ليحدث لو خطبت السيدة في بلد عربي أو مسلم، ولكنه قادم لا ريب فيه ولا شك. ففي تاريخ 4 أكتوبر من عام 2014م اعتلت المنبر “عفراء جلبي” السورية الأصل الكندية الجنسية، في مناسبة عيد الأضحى من عام 1435هـ فخطبت خطبة العيد في سابقة الأولى من نوعها في كندا وأميركا الشمالية للمرة الأولى بالتأكيد، وفي تاريخ العالم الإسلامي قد تكون؟
خطبت بعد أن صلى الإمام بمئات المصلين، في مركز النور، في مدينة تورنتو الكندية.
خطبت عفراء بحجاب المسلمات، كما صلى القوم في المركز، بممر يفصل بين النساء والرجال، في جناحين من نساء ورجال، خلاف العادة في قذف النساء والأطفال إلى الخلف مع الأحذية.
قد تكون مثل هذه الخطبة، من فم امرأة، حالة نادرة واستثنائية في الثقافة الإسلامية التقليدية، وبالطبع يجب أن نتوقع ارتكاسات متباينة، لمثل هذا الحدث.
وعفراء “المعارضة السياسية” لنظام بشار “البراميلي” لم تخطب في هذا المركز أو تعظ للمرة الأولى، ولكن ظروف الاضطراب الحالية، التي يغلي بها الشرق الأوسط، بين قصف حلب على يد بشار الكيماوي بالبراميل، واحتراق كوباني الكردية بيد الدواعش، واستيلاء الجيش الحر في حوران على جبل الحارة الاستراتيجي، دفع بالحادث إلى الواجهة، فأعلنت عنها جرائد مثل النهار والقدس، ومواقع مثل روزنا، كما اتصلت بها جريدة الاتحاد الإماراتية، وأجرت قناة كندا الإذاعية مقابلة معها على الهواء.
أما مقدار اللعنات والشتائم من جيش بشار البراميلي الإلكتروني من جهة، ومن المحنطين من “فقهاء العصر المملوكي” فاحتلت موقعها بنفس النسبة، مقابل كثيرين نصروها ووقروها، فوضعوا أنفسهم في فوهة المدفع، كما هو مع الفقيه الشامي حبش والمعارض السياسي محمد العبدالله.
أن تخطب المرأة، وبين مئات المصلين، يوم العيد الأكبر، لا شك أمر جلل، يفجر إشكالية الأنثى (المرأة) في الثقافة الإسلامية.
اليوم خطبة العيد، وغدا صلاة العيد، وبعدها الولاية الإسلامية؛ فتتحكم النساء في رقاب الرجال، وأعظم فتنة بني إسرائيل كانت في النساء. كما قالوا.
أذكر جيدا “العمى الثقافي” حين كنا نقرأ سورة النمل، وكيف أن النبي سليمان حرك الجيوش ليأتي بالقوم صاغرين، وأن امرأة من اليمن كانت تدير الجيوش وجبابرة الرجال.
كان الحوثيون بأمس الحاجة لها، أن تقودهم امرأة بعيدا عن راجمات الصواريخ وحفلات الإعدام.
خطبة ابنتي عفراء التي تربت على أفكار السلم والعلم فجرت بكلماتها الهادئة الإنسانية في الخطبة، مشكلة الوصاية على المرأة من الفكر، وأن المرأة أكبر من رحم للاستيلاد، وجوهرة في ممتلكات الرجل.
إنها قضية انقلابية ليست فقط في الثقافة المحنطة منذ أيام حريم السلطان القانوني، بل هي تحطيم أصنام ثقافات أخرى؛ فمازالت أديان لا تسمح للمرأة أن ترفع صوتها في منبر، فضلا عن الثقافة اليهودية، بل كل الحضارة الإنسانية تنتظر مثل صوت عفراء، فمازال المجتمع الإنساني أعور الواجهة، يرى بعين ذكورية حولاء، حتى في الأجور فمازال الدفع للذكور أعلى من مرتبات الإناث في كل العالم، بما فيه قوس الحضارة الغربية، ومازال عزل المرأة وضربها والاعتداء عليها بقارس الكلام البذيء، ساري المفعول في كل العالم وكل الثقافات، تجاه المرأة الشقراء والسوداء على حد سواء، كما حصل مع العديد من تعليقات “الفحول” التي قذفت بها عفراء.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .