العدد 1571
الجمعة 01 فبراير 2013
banner
“لمى”.. جُرحٌ غائر! سمر المقرن
سمر المقرن
الجمعة 01 فبراير 2013

مستفز جدًا، ذلك الحكم الصادر بحق قاتل الطفلة (لمى) والدها الذي نفذ جريمته تحت سياط التعذيب! فبكل بساطة، يحكم له القاضي بدفع الدية، أي أنه بهذا الحكم اعتبر هذه الجريمة “البشعة” في تصنيف القتل غير العمد.. كيف حدث هذا، والطفلة ذات الخمسة أعوام تم الاعتداء عليها من قِبل والدها ولم يترك أية منطقة سليمة في جسدها الطاهر إلا ولوثه وبحضور زوجته، التي لم يتضح حتى الآن مشاركتها الفعلية بالجريمة أم لا، مع أن مجرد سكوتها هو إقرار بقبول هذه الجريمة؟ كيف يخرج هذا الحكم وتُترك والدة الطفلة المغدورة في هذا الوضع المؤلم تحت وطأة الشعور بالظلم، دون أن يُؤخذ حق طفلتها بما نصت عليه القوانين الشرعية التي أتت بها الآيات القرآنية واضحة وصريحة في مسائل القتل، فلماذا الآن يُبرأ مجرم يخرج من خلف القضبان ليقتل عشرات مثل لمى، سيقتلهن فعليًا أو معنويًا، كما قتل في داخله كل مشاعر الأبوة والرحمة، تجاه طفلة ضعيفة لا تملك القدرة على أبسط وسائل الدفاع عن نفسها، وهذا هو القتل غيلة، والذي خرج بحكم قضائي “مجحف” فيه كثير من التحدي للمشاعر الإنسانية والدينية، وكأنه تسهيل أو ضوء أخضر لقتل الأطفال، خصوصًا – الإناث - لأن الروح التي أزهقت هي روح رخيصة، قد لا تساوي في نظر من يحتقر الأنثى روح حيوان سائب!
إن هذا الحكم الذي يهز كل إنسان من الداخل، أنا على ثقة أن هيئة التمييز لن تقبل به – إن شاء الله - وسترفض هذا الحكم، وستُعاد محاكمة هذا الأب المجرم، الذي لا يستحق حكمًا أقل من الإعدام، نظير جريمته الشنيعة!
أيضًا، تجدر الإشارة إلى أنه وكما هو معلوم بأن الاجتهاد القضائي ليس مستقراً بل متحولاً، وهذا يؤثر على الثقة وعلى الأمن القضائي، وهو ما يجعل المطالبة بتقنين الأحكام القضائية وفقًا للشريعة الإسلامية باتت ضرورة لا نقاش فيها ولا اختلاف، فالعدل هو ميزان مقنن لا يمكن أن يترك للهواء والأهواء. الاجتهاد في كثير من الأحيان يعود للمزاج الشخصي، أو لتأثير معين ما يخلق تضارب وتضاد ما بين الأحكام القضائية، وخوف كل إنسان من اللجوء إلى ساحة يشك في عدلها!
أما قضية الطفلة “لمى” فهي جرح غائر ووصمة عار. مؤلم أن تحدث في عهد الإصلاح القضائي الذي نعوّل عليه، وعلى تطوره بما يُحقق الشعور بالأمان، وفي الوقت الذي تكون فيه ضمن لجنة الخبراء لحقوق الطفل في الأمم المتحدة، دبلوماسية سعودية هي أسيل الشهيل، أعتقد أنها ستشعر بكثير من الحرج أمام سلبية الحكم في هذه القضية.
الوقت مازال متاحًا، وثقتي بالقضاء لن تتزحزح أمام هذا الحكم المجحف – الفردي - والأمل بهيئة التمييز أن تعيد مجريات الحكم في هذه القضية للطريق الصحيح!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية