العدد 2846
السبت 30 يوليو 2016
banner
التوحد بحاجة إلى مركز وطني د. محسن الصفار
د. محسن الصفار
عالم مجنون
السبت 30 يوليو 2016

حتى سنوات قليلة مضت لم يكن العرض المعروف بالتوحد أو الأوتيزم معروفا بين الناس وذلك لندرة المصابين به ولكنه اليوم أصبح حديث الأهل في كل انحاء العالم، نظرا لازدياد عدد الاطفال الذين يظهر لديهم هذا العرض الذي يؤثر على قدرات الطفل التخاطبية والتواصلية وقدرته على التعلم وممارسة الحياة بشكل طبيعي مثل بقية أقرانه.
ورغم الجهود الدولية الموسعة لم يعرف لهذه الحالة سبب محدد ولأن السبب مجهول فإن العلاج أيضا غير متوفر فهو ليس مرضا وراثيا ولا فيروسيا ولا صدمة ولا نقصا عضويا ولا مرضا نفسيا بمعنى الكلمة.
ولأن أعراض التوحد تبدأ في عمر 18 شهرا من خلال عوارض معينة لعل أهمها تأخر النطق وعدم قدرة الطفل على التواصل البصري والحركة الزائدة وغيرها فإن من الضروري بدء عملية العلاج السلوكي وعلاج النطق وغيرها في سن مبكرة كي يتم تفادي تفاقم الحالة وإيصال الطفل إلى أقرب حالة ممكنة من الطبيعية تمهيدا لدمجه في المدارس العادية في الحالات الخفيفة والمدارس الخاصة في الحالات الشديدة.
وحيث إن التوحد تم تشخيصه عالميا على أنه اعاقة و تقديرات منظمة الصحة العالمية تشير الى انه في السنوات القليلة القادمة قد تبلغ نسبة المصابين بالتوحد ما يزيد عن 20 % من الولادات فإن ذلك يضعنا امام حالة حرجة بحاجة الى تدابير فاعلة وإلا واجهنا جيلا من المصابين بهذا العرض دون تأهيل مناسب.
وللأسف فإن المملكة تفتقر إلى مركز رسمي لتشخيص وعلاج التوحد حيث تقتصر عملية التشخيص على مستشفى الطب النفسي الذي لا يوجد به أي طبيب متخصص في التوحد، ولذا فإن عملية تحديد إن كان الطفل مصابا به ودرجة الإصابة لا تكون في العادة دقيقة جدا اما عملية التأهيل والعلاج فقد أوكلت بالكامل الى مؤسسات من القطاع الخاص أغلبها مؤسسات ربحية تتقاضى مبالغ كبيرة تصل إلى 300 دينار شهريا عن كل طفل وهو ما يجعلها بعيدة عن متناول الكثيرين، ناهيك عن عدم وجود رقابة علمية وعملية على ما تقدمه هذه المراكز لأطفال التوحد وبالتالي فقد اساء البعض استخدام لهفة الأهالي لعلاج ابنائهم لحملهم على دفع مبالغ كبيرة دون نتائج ملموسة للطفل.
إن اتساع رقعة المصابين بعرض التوحد يستلزم إنشاء مركز وطني مختص بالتوحد يتم توفير اخصائيين به على مستوى عال من الخبرة للتشخيص الصحيح أولا ومن ثم متابعة حالاتهم مع المراكز العلاجية الخاصة ثانيا للتأكد من كون البرامج العلاجية تسير على الطريق الصحيح كما ان هذا المركز يجب ان يقوم بعملية الإشراف الكامل على جميع المراكز التي تتعامل مع هذه الحالة وتقييمها وسحب رخصة من لا يلتزم منها.
إن التوحد حاليا مقسم بين وزارة الصحة للتشخيص ووزارة التنمية التي تمنح تراخيص مراكز التعليم الخاص ووزارة التربية والتعليم التي تتولى عملية دمج اطفال التوحد في المدارس الحكومية وهو ما يوجد فجوة بين المراحل الثلاث تؤدي الى عدم الحصول على نتائج مرضية.
أتمنى حقا ان نرى مركزا موحدا لتشخيص وعلاج وتأهيل مرضى التوحد يكون قادرا على تقديم الخدمات لهذه الشريحة بشكل فاعل ومؤثر.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .