العدد 2755
السبت 30 أبريل 2016
banner
الخيط الرفيع بين النقد والإهانة د. محسن الصفار
د. محسن الصفار
عالم مجنون
السبت 30 أبريل 2016

تداولت وسائل الإعلام مؤخرا موضوع الدعاوى المرفوعة من قبل مجلس النواب ضد عدد من المغردين في موقع التواصل الاجتماعي تويتر والتي تمت احالتها الى النيابة العامة والمحكمة الجنائية لاتخاذ اللازم حسب القوانين الجنائية لمملكة البحرين.
وانقسمت الآراء بين مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي بين معترض على هذه البلاغات بحجة كونها تقمع حرية التعبير ونقد اداء المجلس المنتخب شعبيا وبين مؤيد لها على اساس ان قوانين البلاد تمنع توجيه الإهانة لأي شخص عن اي طريق كان.
والواقع أن الموضوع ليس بهذه البساطة وليس أبيض أو أسود بل هو يقع في منطقة رمادية يجب التعامل معها بحذر فالانتقاد البناء لأداء الاجهزة الحكومية أو المجالس المنتخبة حق كفله الدستور للجميع ولكن شريطة ان يكون الانتقاد يمس الأداء وليس الشخص وأن لا يتضمن أية عبارات جارحة أو تخوينية تمس الشخص في اسمه وسمعته وشرفه كما لا يجب ان تتضمن أي نوع من الشتائم والألفاظ البذيئة وبكل تأكيد لا يجوز زج عائلة الشخص الذي يتم انتقاده وأقربائه بأي شكل من الاشكال.
مع الاسف فإن بعض التغريدات تجاوزت كل حدود اللياقة والأدب وأصبحت عبارة عن شتائم سوقية بحق المجلس وأعضائه طالت شرفهم وعوائلهم وهو ما لا يقبله شرع او عرف او قانون فالنائب في المجلس شخص يقوم بواجبه وفقا للدستور واللائحة الداخلية للمجلس ووفقا لقناعاته كشخص بما يقوم به ولا يجوز ان نتهمه بالخيانة والفسق والفجور لمجرد انه صوت لصالح قرار لا يعجب البعض منا.
ان مجلس النواب ثمرة ميثاق العمل الوطني وتجسيد لحركة مملكة البحرين في طريق الديمقراطية بخطوات ثابتة وهذه التجربة طبعا لا تخلو من شوائب بحكم عمرها القصير نسبيا كما ان النواب ليسوا معصومين عن الخطأ ولكن ذلك لا يعني انهم مجرمون يحق لنا مهاجمتهم يمينا وشمالا كيفما نشاء.
إن الحرية التي وفرتها مواقع التواصل الاجتماعي وقدرة هذه المواقع على ايصال صوت كل من يرغب النقد الى جميع الجهات الحكومية خصوصا ان العديد من الوزراء والنواب لديهم حسابات في هذه المواقع تعد عاملا ايجابيا في الاخذ والعطاء بين الشعب والمسؤولين ولكن يجب ان نستخدم هذه الحرية بنضج كي لا تتحول مواقع التواصل الى ساحة تصفية حسابات شخصية على حساب سلامة الوطن وكرامة الافراد وحرمة المؤسسات ومنها المؤسسة التشريعية التي نكن لها كل تقدير.
وفي المقابل نتمنى على السادة النواب سعة الصدر في التعامل مع الانتقادات ومحاولة استيعاب المنتقدين وتوضيح ما خفي عليهم من وقائع وحيثيات كي لا يتطور الأمر الى سجال قانوني لا ينتهي بين النائب ومن صوت له.
نؤكد في النهاية أن القانون هو الفصل في أي نزاع وأن ثقتنا بالقضاء لا حدود لها ومن يثبت تورطه بعمل يعد جرما سيحاسب ومن كان فقط منتقدا فسينصف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية