العدد 2670
الجمعة 05 فبراير 2016
banner
إعــادة هيكلـة الاقتصـاد أولـى مـــن خفــض الإنفـــاق د. محسن الصفار
د. محسن الصفار
عالم مجنون
الجمعة 05 فبراير 2016

في الآونة الأخيرة كثر الحديث عن الإجراءات التقشفية للدولة لمواجهة تحديات انخفاض أسعار النفط وما رافقه من هبوط حاد في إيرادات الدولة التي ترتكز في معظمها على عوائد تصدير النفط التي ادت الى حصول عجز في ميزانية غالبية الدول المصدرة للنفط دون اي استثناء، فهبوط النفط من 120 دولارا للبرميل الى ما دون 30 دولارا مع وتيرة تنازلية مازالت مستمرة أمر ليس هينا على أي اقتصاد في العالم.
وترافقت هذه الإجراءات التقشفية مع دعوات من كل جانب لإجراءات فاعلة للحد من الإنفاق الحكومي من جهة وزيادة مداخيل الدولة من جهة اخرى، ورغم كون بعض هذه الدعوات منطقية ومنها اعادة توجيه الدعم في السلع الاساسية لمستحقيه فقط وزيادة او فرض رسوم على سلع او خدمات اخرى الا انه في الجهة المقابلة هناك دعوات غير منطقية لتحميل عبء العجز في الموازنة بشكل كامل على الأجانب والمقيمين، ومما لا شك فيه ان للمواطن الاولوية الكاملة في الحصول على دعم الدولة، وهو حق اصيل له ولكن في نفس الوقت فإن الاجنبي المقيم جزء من تركيبة الاقتصاد البحريني، وإذا قمنا بزيادة تكاليف معيشة العامل الأجنبي بشكل مفاجئ وكبير فإن ذلك سيفرز احدى نتيجتين، اما ان يترك البحرين ويذهب الى بلد آخر وهو ما سيسبب ارباكا كبيرا في قطاعات اقتصادية واسعة في المملكة، او انه سيطالب بزيادة اجره من رب العمل البحريني والذي سيضطر الى رفع قيمة سلعه او خدماته كي يستوفي هذه الزيادة، وبالتالي سيكون المستهلك البحريني من يدفع ثمن هذه الرسوم او الضرائب او اية تسمية اخرى لها.
ما نحن بحاجة اليه هو إعادة هيكلة الاقتصاد برمته والتخلص من اية نقاط ترهل تثقل كاهله دون جدوى، وإفساح المجال للقطاعات الاقوى ان تنشط بشكل كبير بما يدر الدخل على المملكة ويزيد ايراداتها، وحتى لو فرضت رسوم او ضرائب وهو حق اصيل للدولة لا نقاش فيه فلا يجب ان يكون صرفا بقصد جباية الاموال ولكن ان تكون هذه الرسوم عاملا لتوجيه الاقتصاد نحو مسارات معد لها مسبقا تساهم في خفض معدلات البطالة وكذلك زيادة ايرادات الدولة، وبذلك تكون الاعفاءات الضريبية نوعا من الحافز لتوجيه القطاع الخاص نحو الانشطة الاكثر فائدة للبحرين وليس فقط الأنشطة الاسهل والاكثر مدخولا.
إن من حق اي شخص ان يكون له رأيه الخاص في طريقة زيادة الدخل العام وخفض الانفاق، ولكن الموضوع في نهاية الأمر موضوع علمي وتخصصي وليس مجرد شعارات او افكار غير مدروسة قد تأتي بنتائج عكسية على المدى المتوسط والبعيد على الاقتصاد الوطني البحريني وقد تؤدي الى وقف الاستثمار الاجنبي او هجرة معاكسة له.
أقترح ان يكون هناك موقع الكتروني لوزارة المالية او مجلس النواب او كلاهما يستطيع فيه اي مواطن او مقيم ان يقدم مقترحاته بخصوص ما تقدم ذكره بحيث تصل الى اصحاب الاختصاص لدراستها وتقييمها وتجنب الجدل العقيم وتهييج الرأي العام عبر الاعلام ومواقع التواصل التي لا تفرز اية نتائج مفيدة لأي طرف كان.
إن الخروج من الأزمة ليس ممكنا فحسب بل انه قد يكون فرصة لنهضة اقتصادية جديدة لمملكة البحرين شريطة تكاتف جميع الجهود المخلصة في القطاعين العام والخاص وتعاون الحكومة والمجالس التشريعية لإصدار التشريعات والقوانين اللازمة بشكل سريع، وإشراك الجامعات البحرينية وأصحاب الرأي والفكر من اهل الاختصاص في تقييم الوضع والخروج بحلول منطقية وعلمية له.
نسأل الله السلامة لمملكة البحرين في أمنها واقتصادها وكلنا ثقة بقيادتنا الرشيدة وقدرتها على ادارة دفة هذه السفينة الى بر الأمان، انه سميع مجيب.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .