العدد 2455
الأحد 05 يوليو 2015
banner
الخبراء المحلفون د. محسن الصفار
د. محسن الصفار
عالم مجنون
الأحد 05 يوليو 2015

يعتبر الخبراء المحلفون في المجالات العلمية المختلفة مكملا أساسيا للمنظومة القضائية في أي بلد في العالم، فالقضايا التي لها جانب علمي أو تقني أو طبي أو حسابي وغير ذلك لا يستطيع القضاة البت فيها دون رأي استشاري من مختصين في هذا المجال بإمكانهم رفع الغموض عن جوانب الدعوى، ميسرين بذلك على القاضي إصدار الحكم بناء على الجانب القانوني للقضية.
وتختلف طريقة عمل الخبراء من بلد الى آخر ففي الولايات المتحدة مثلا يحق لطرفي الدعوى الاستعانة بخبراء يدفعون لهم أتعابهم كي يشهدوا لصالحهم بينما في دول أخرى ومنها مملكة البحرين فإن الخبير ينتدب من قبل المحكمة والمحكمة هي من تعين أتعابه التي يستلمها من خلالها.
ولكي يكون رأي الخبير ذا قيمة فإنه يجب ان يكون حاملا لدرجة علمية تتناسب وحجم المأمورية الموكلة اليه ناهيك عن الخبرة، فالخبير المحلف هو شخص يحمل شهادة علمية في احد المجالات كالهندسة والطب والمحاسبة والطيران والتغذية والجمارك والشحن وغير ذلك من المجالات ويتم تحليفه وتسجيله في لائحة الخبراء لدى وزارة العدل وليس موظفا لدى المحكمة بل ينتدب بحسب القضايا ولذا فإن الخبراء يجب ان يتم تصنيفهم بحسب مؤهلاتهم وتحديد حجم ونوع القضايا التي توكل اليهم كما ان الخبراء يجب ان يتم اخضاعهم لامتحانات كفاءة سنويا لتحديد الدرجة التي يتعين منحها لهم.
كما أن الخبير يجب أن يكون على دراية تامة بالقوانين الخاصة بحدود عمله ويجب أن يكون على حياد تام بين طرفي الدعوى وأن لا تربطه بأي منهما خصومة أو صداقة أو قرابة قد تؤثر على التقرير الذي يصدره لصالح أو ضد أحد طرفي الدعوى كما أن من واجب الخبير الاعتذار عن المأمورية في حال كان لا يملك خبرة كافية في تفاصيل محددة في القضية فأي مهندس مثلا لا يعني انه قادر على تشخيص جميع خفايا وزوايا علم البناء وما يعلمه المهندس المعماري مثلا غير المهندس المدني وغير مهندس الطرق والجسور وهكذا.
ومن أهم النقاط تحديد آلية عمل الخبراء كي لا تكون التقارير عشوائية، فعلى سبيل المثال في الدعاوى الهندسية الخاصة بالبناء تجد اختلافا كبيرا في التقارير فهناك من الخبراء من يعتمد على العقد كملاك للكميات والقيم بينما آخر يعتمد على جداول المحاسبات الكمية وآخر يعتمد على العرف والتخمين وهكذا وبالتالي نرى تقارير تصدر في نفس القضايا تختلف مع بعضها اختلافا جذريا مما يستدعي احيانا استبدال الخبير عدة مرات وبالتالي اطالة امد المحاكمات بشكل كبير او ضياع حقوق احد طرفي النزاع بسبب تقرير خاطئ او منحاز.
إن وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف مدعوة لمتابعة الخبراء بشكل مستمر وإخضاعهم للتفتيش والرقابة الدورية للتأكد من صلاحيتهم العلمية والقانونية والشطب الفوري لأي خبير يثبت أنه تجاوز صلاحيته أو قام عمدا بإصدار تقارير خاطئة، وأخذ أية شكوى بحق الخبراء على محمل الجد لأن ذلك من شأنه رفع المستوى المهني للخبراء ويحول دون إصدار تقارير عشوائية أو منحازة تزيد الطين بلة في احيان كثيرة.
وختاما لابد من الإشادة بالمستوى الرفيع لخبراء البحرين المحلفين الذين يرقى بعضهم الى مستوى التحكيم في قضايا دولية شائكة وبدورهم الكبير في فك رموز القضايا المختلفة.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية