العدد 2452
الخميس 02 يوليو 2015
banner
العمالة المنزلية معضلة قانونية وإنسانية د. محسن الصفار
د. محسن الصفار
عالم مجنون
الخميس 02 يوليو 2015

العمالة المنزلية في العالم العربي والخليج خصوصا من القضايا الشائكة التي تم بحثها مرارا وتكرارا من قبل الخبراء القانونيين والإعلاميين دون التوصل إلى حلول جذرية لهذه المشكلة التي قرر مجلس النواب مؤخرا مناقشتها في محاولة لإيجاد تشريعات ربما تساهم في حل المشكلة أو التخفيف من آثارها.
والمشكلة تبدأ من استقدام العاملة المنزلية أو كما تعرف إصلاحا (الخادمة) حيث يعاني المستقدم من مكاتب استقدام العمالة التي تأخذ مبالغ كبيرة عن استقدام العاملة المنزلية وفي أحيان كثيرة تماطل معه حتى يصل الأمر في بعض الاحيان الى الانتظار لأشهر لحين وصولها.
ولو أردنا الإنصاف فإن هذه المكاتب تعاني أحيانا مع قوانين الدول المصدرة للعمالة ومتطلباتها القانونية التي تتغير باستمرار ولكن ذلك لا ينفي وجود مكاتب تستغل المواطن بشكل لا يمكن السكوت عليه.
وعندما تصل العاملة فإن هذا يمكن أن يكون مفاجأة سارة أو خيبة أمل كبيرة للمستقدم فالفحوص الطبية قد تكشف أمراضا معدية أو خطيرة أو كون العاملة حاملا مما يعني اعادتها للمكتب وبدء دورة الانتظار من جديد، او ان تكون بصحة جيدة ولكنها سيئة الأخلاق ولا تجيد التعامل مع الاطفال او ذات عادات سيئة مثل التدخين او الشرب او انها لا تجيد اية لغة سوى لغتها الأم مما يجعل التواصل معها عملية شبه مستحيلة.
ولكي لا نجانب الإنصاف فإن العاملات تعانين ايضا في احيان كثيرة من سوء المعاملة والضرب والتحرش الجنسي وعدم دفع الرواتب وساعات العمل التي لا تنتهي وعدم تخصيص مكان لائق لسكنها حتى أن البعض يجعل العاملة تفرش لنفسها في الحمام ليلا كي تنام.
وهنا تأتي المعضلة الأخرى وهي هروب العاملات فسواء كان هذا الهروب بسبب سوء المعاملة أو بسبب رغبة بعض العاملات في الحصول على وظائف اكثر دخلا وأقل عملا، فإن هذا الهروب يتحول الى كابوس حقيقي للمستقدم الذي دفع كل هذه المبالغ ليفاجأ بخادمة هاربة مما يعني ضياع كل ما دفعه أولا والدخول في دوامة من الاجراءات القانونية ومحاضر الشرطة وهيئة تنظيم سوق العمل وغيرها وعدم قدرته على الحصول على خادمة اخرى والأنكى من ذلك كله ان العاملة عندما تقرر تسليم نفسها فإن القانون يلزم المستقدم ان يسدد ثمن تذكرتها للعودة الى بلادها.
ما ذكرته هو غيض من فيض مشاكل العمالة المنزلية التي يكاد كل بيت بحريني يعاني منها والمطلوب سن قوانين تنظم العلاقة بين رب العمل والعاملة المنزلية ومنها لا حصرا تحديد ساعات معينة للعمل وكذلك يوم استراحة وافتتاح حساب بنكي باسم العاملة لإيداع الراتب الشهري بشكل منتظم وتشديد العقوبات على من يعتدي على سلامة جسم العاملة بأية صورة وإحضار العاملة مرة كل ثلاثة اشهر الى مركز خاص حيث يمكنها التحدث مع اخصائية لمعرفة وضعها النفسي والجسدي.
كما أن المطلوب ان تكون هناك رقابة مشددة على مكاتب الاستقدام وإلزامها اجراء الفحوص الطبية على العاملة في بلدها اولا وأن تستحصل لها على شهادة حسن سيرة وسلوك للتأكد من عدم ارتكابها أية جرائم وأن تمتد فترة الضمان الى سنة بدلا من ثلاثة اشهر كما هو الحال حاليا وفي حال هروب الخادمة فإن المكتب هو الملزم بتأمين تذكرة عودتها وليس من استقدمها.
ولا ننسى هنا ضرورة التوعية للمواطنين بوجوب احترام العاملات وعدم تحميلهن فوق طاقتهن وتوضيح العقوبات الجنائية التي قد تطالهم في حال ارتكابهم مخالفات من هذا النوع، وكذلك التأكيد على عدم تشغيل اية عاملة هاربة وتغليظ عقوبة هذا الفعل. كما أن ربات المنازل لا يجب أن تستأمن فلذات اكبداهن بشكل كامل بيد العاملة فهي في كل الأحوال امراة غريبة ومن بيئة غريبة ايضا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .