صديق لي اشترى عقارا من شركة تابعة لأحد المصارف العاملة في البحرين وبعد الاتفاق على السعر وكل شيء راجع طرفا المعاملة ادارة التوثيق وقاما بتوثيق عملية البيع لدى مكتب التوثيق الواقع في مديرية المساحة والسجل العقاري وسدد الشاري ثمن العقار كاملا للبائع واستلم وثيقة العقار وخرج من مكتب التوثيق فرحا بأنه أصبح صاحب عقار بعد أن وضع فيه كل ما يملك من تعب سنين من العمل واقترض فوقها أموالا من الأصدقاء والمعارف وبعدها راجع مكتب التسجيل العقاري لنقل ملكية العقار الواقع على بعد غرفتين من مكتب التوثيق ليصدم بأن العقار محجوز عليه بأمر من المحكمة ولا يمكن نقل ملكيته ولا يزال هذا المواطن في حالة من الصدمة والذهول ولا يصدق ما حصل له ليس لأن الأمر يتبع مؤسسة مصرفية لا يتوقع منها القيام بهكذا أفعال فحسب بل لأنه قام بتوثيق عقد البيع لدى جهة رسمية وما كان ليسلم مبلغا كبيرا جدا من المال للبائع لولا ثقته التامة بسلامة اجراءات البيع وقانونيتها.
ولو صرفنا النظر عن التصرف لهذه الشركة والمصرف الذي يملكها من بيع عقار وقع عليه حجز قضائي وهو فعل يستوجب الملاحقة الجنائية والمدنية الا ان الاهم هو فقدان الربط بين التوثيق وبين التسجيل العقاري رغم وجودهما في نفس المبنى فمع تطور خدمات الحكومة الإلكترونية لم يعد مقبولا ألا تكون هناك قناة اتصال الكترونية مباشرة بين التوثيق الذي يتبع وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف ومديرية المساحة والتسجيل العقاري تمكن الموثق من الاستعلام عن وضعية العقار قبل توثيق عملية البيع حفظا لحقوق الشاري ومنع التلاعب من قبل بعض ضعاف النفوس.
ولو سلمنا جدلا عدم إمكانية احداث مثل قناة الربط هذه فعلى الأقل يجب ان يكون شرط توثيق عقد البيع لأي عقار حصول البائع على شهادة خطية من التسجيل العقاري صالحة ليوم واحد فقط تفيد خلو العقار من اية رهونات أو حجوزات قضائية ليتم بعدها توثيق الإجراءات الخاصة بالبيع.
إن هذا الإجراء البسيط يجنب النظام القضائي تعقيدات كثيرة ناجمة عن اضطرار الطرف المتضرر الى رفع دعوى قضائية ضد البائع ويمكنه تقليل عدد القضايا المعروضة امام المحاكم المدنية والجنائية ناهيك عن كونه يزيد الثقة في السوق العقارية البحرينية التي تحرص القيادة الرشيدة على تنشيطها وتهيئة كل السبل لنموها واجتذاب المستثمرين المحليين والخليجيين والأجانب لها خصوصا بعد ان امر عاهل البلاد المفدى صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله بتشكيل لجنة وزارية لمتابعة العقارات المتعثرة وإيجاد حلول لها تمهيدا لحل عقد القطاع العقاري كي ينطلق الى الأمام بكل قوة وثقة لأن ذلك ينعكس ايجابا على اقتصاد مملكة البحرين ككل وليس قطاع العقارات وحده.
أتمنى حقا ان نرى مبادرة فورية من الجهتين المعنيتين بهذا الموضوع لوضع آلية تمنع اي شخص من التمكن من بيع عقار غير سليم من الناحية القانونية سواء كانت أوراقه مزورة أو تم التلاعب بها أو مرهون لجهة مصرفية أو محجوز عليه في قضية بأمر من القضاء الموقر.