العدد 2328
السبت 28 فبراير 2015
banner
إعادة التدوير وفوائدها الاقتصادية والبيئية د. محسن الصفار
د. محسن الصفار
عالم مجنون
السبت 28 فبراير 2015

منذ فجر التاريخ وتكوين البشر لتجمعات سكانية في بيوت مبنية عرفت فيما بعد بالمدن كانت هناك مشكلة كبيرة تتمثل في القمامة التي تنتجها هذه البيوت من فضلات الطعام واللباس والأشياء الأخرى إضافة الى الفضلات البشرية والحيوانية.
وعلى الرغم مما نقرأه عن عظمة المدن التاريخية التي بناها الفراعنة والإغريق والرومان الا ان كل هذه المدن كان لديها جانب مظلم يتمثل في اكوام من القمامة التي كانت تلقى في الأنهار مباشرة او تتكدس في الشوارع وفي احسن الأحوال تنقل الى خارج المدن.
ومع تقدم الحضارة وتطور المدن وازدياد عدد نفوسها زادت بالطبع كمية القمامة التي تنتجها وتنوعت ايضا انواعها والمواد التي تحتويها وبلغت كميات القمامة في بعض المدن لدرجة انها كونت مساحات شاسعة مثلما حصل في مدينة بومبي الهندية التي كانت عبارة عن ست جزر تم ملء الفراغ بينها بأكوام القمامة حتى اصبحت ارضا واحدة وهو ما حصل في طوكيو في اليابان ايضا.
ولكن الحفاظ على البيئة اصبح اليوم يشكل عقبة رئيسية في التخلص من القمامة في أي مجتمع حديث فعملية دفنها تحتاج الى مساحات كبيرة من الأراضي ناهيك عن التلوث الذي يسببه تسرب السوائل منها الى المياه الجوفية وحرقها ينتج غازات مضرة بالبيئة وتساعد على ظاهرة الاحتباس الحراري. وكان الحل لدى اغلب الدول المتقدمة هو اعادة تدوير جزء كبير من هذه القمامة وإعادة استخدامه لأغراض مختلفة مثل الورق والبلاستيك والمعادن والزجاج وأشياء اخرى وهو ما يشكل مدخولا اقتصاديا ويساعد على تقليل كمية القمامة اما المواد العضوية فيتم استخدام نوع خاص من ديدان الأرض التي تلتهمها وتحولها الى سماد عضوي ممتاز.
وفي مملكة البحرين تنفق الدولة مبالغ طائلة سنويا على جمع القمامة من الأحياء السكنية وعلى التخلص منها بشكل آمن نسبيا ولكن هناك ضرورة لتفعيل اعادة التدوير التي تنحصر حاليا في منظر معتاد لبعض الآسيويين من العمالة السائبة الذين يفرزون القمامة من المستوعبات مباشرة ويأخذون منها المعادن والبلاستيك والورق ثم يبيعونها لمحلات متخصصة بشراء مثل هذه المواد في ظاهرة غير صحية اولا وتشكل منظرا غير حضاري ثانيا.
لذا فإن من الضروري نشر ثقافة اعادة التدوير وفرز القمامة قبل القائها في المستوعبات أولا وكذلك انشاء مصانع متخصصة بفرز القمامة ومن ثم اعادة تدويرها لاحقا بشكل صحي لائق ينتج عنه مدخول اقتصادي يساعد على سداد جزء من نفقات البلدية لجمع القمامة.
ان التوعية في هذا المجال تستلزم تعاونا من الجامعات والبيئة والبلديات والصناعة والصحة لوضع خطة وطنية في هذا المجال تساهم في الحفاظ على البيئة والصحة العامة وكذلك الاستفادة من هذه القمامة بشكل صناعي واستثماري يعود بالنفع على الدولة التي تنفق الملايين على نظافة المدن وليس على انتهازيين يستغلون هذه التجارة لتوظيف عدد هائل من العمالة السائبة لنبش مستوعبات القمامة في كل ارجاء المملكة تاركين فقط ما لا ينفع وبالتالي جعل أي مشروع إعادة فرز وتدوير غير مجد اقتصاديا للمستثمرين.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية