عندما تكون التكنولوجيا ويكون التطور في مجال الاتصالات أكبر من عقول وثقافات وممارسات بعض الشعوب تحدث المشكلة، لأن هذه الشعوب لن تحسن استخدام هذه التكنولوجيا، بمعنى أنها لن تستخدمها لتحقيق الاستفادة التي من أجلها تم اختراع هذه التكنولوجيا.
فالهاتف النقال أو الخلوي أو الجوال أو المحمول حسب ما تسميه كل دولة عربية تم اختراعه ليستخدم في تسهيل الاتصال بين البشر وتوفير الوقت وتسهيل الكثير من الأمور التي كانت صعبة وأحيانا مستحيلة في ظل الهاتف الأرضي القديم.
ولكن للأسف أسأنا استخدام هذا الاختراع واستخدمناه  في الإضرار بأنفسنا والمجتمع، فلا توجد أمة في العالم تتحدث في الهاتف النقال بغير ضرورة كما تفعل أمتنا العربية، فتجد بعض الناس يقضي الساعات يوميا متحدثا في أمور فارغة فيضيع وقته ويضر صحته لمجرد أن لديه اشتراكا يوفر له مساحة زمنية كبيرة للحديث، والشركات المسؤولة عن تقديم الخدمة تخترع كل يوم حيلة جديدة لكي تغري الشباب على الحديث غير المفيد في الهاتف.
أما عن الإنترنت الذي تم اختراعه لجعل العالم كله بمثابة قرية صغيرة ويسهل أمورا كثيرة في حياة الناس فقد نتجت عنه أضرار كثيرة للفرد والمجتمع رغم كل ما قدمه للعالم.
فالإنترنت الذي يقدم لنا ملايين الكتب والأبحاث ويجعلنا نقرأ كل تراث الانسانية بضغطة زر، أنتج أيضا مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك والواتساب وغيرها التي أساءت أمتنا استخدامها إلى أقصى مدى.
واذافكرنا في الأضرار الاجتماعية لهذه الوسائل سنجد أن أضرارها فاقت منافعها رغم كل ما قدمته للبشرية من خدمات، فهي أدوات لتداول الشائعات والأخبار الكاذبة والمحرفة خصوصا في ظل عدم وجود اشتراطات معينة لنشر الأخبار. وهناك من يقوم بنشر مواد تافهة أو مواد ضارة أو تصوير الناس دون علمهم ونشر صورهم على هذه الوسائل، بل هناك من يستخدم ألفاظا بذيئة وهناك من يدخل مفردات جديدة تضر بلغتنا العربية وتقودها نحو الانهيار.
ولا ننسى أن إدمان استخدام هذه الوسائل ينقل الانسان الى عالم افتراضي ويقطع صلته بعالمه الحقيقي ويفصله عن اقرب الناس إليه، فتجد أحيانا أفراد الأسرة الواحدة يتواصلون – وهم في نفس البيت - عن طريق الفيسبوك والواتساب وهو امر خطير على الأسرة وتماسكها، وكم من حالات طلاق وقعت بسبب أن الزوج او الزوجة أو كلاهما أقام علاقة غير مشروعة خلال هذا الفضاء الواسع الذي يضم ملايين الناس ويمكنهم من فعل كل ما يريدونه.