العدد 2450
الثلاثاء 30 يونيو 2015
banner
حارة اليهود ومغالطات جميع الأطراف د. بثينة خليفة قاسم
د. بثينة خليفة قاسم
زبدة القول
الثلاثاء 30 يونيو 2015


الدراما التلفزيونية “حارة اليهود”، التي تذاع على الفضائيات حاليا أثارت ضجة كبيرة كعادة كل الأعمال الفنية التي تتصل بشكل أو بآخر باليهود أو بأي مذهب ديني.
المسلسل الذي يشتمل ضمن أحداثه على قصة حب بين مصري مسلم وبين يهودية نال من النقد والمغالطات ما يصح أن نسميه حفلة موسعة من الكذب، كل يستخدمها لصالحه، وهي في الحقيقة لا تصب إلا في صالح المستفيدين ماديا من صناعة هذا المسلسل، على اعتبار أن العمل الذي يثير خلافا، أو ترفع ضده قضية في المحاكم، أو تطالب جهة ما بوقف إذاعته، يكون قدره الذيوع والانتشار والنجاح أكثر من غيره، ولنا أن نتذكر في هذا السياق كثيرا من الأعمال الأدبية والفنية من بينها رواية أولاد حارتنا للكاتب الكبير نجيب محفوظ!
الإخوان المسلمون اعتمدوا في تشويههم لهذا العمل الفني، الذي اعتبروه مسيئا إليهم، على فكرة ان قصة الحب بين المسلم واليهودية هي حيلة فنية للتقريب بين اليهود والمسلمين، أو بين العرب وإسرائيل، وهنا مكمن المغالطة.
والإعلام الإسرائيلي نقل نفس أفكار وتعليقات الإخوان وقال إن مسلسل حارة اليهود ينصف إسرائيل، وهنا أيضا استخدام لنفس المغالطة، مع اختلاف الهدف الذي يسعى إليه الإعلام الإسرائيلي عن الهدف الذي يسعى إليه الإخوان.
فالإخوان يستخدمون كل مناسبة لتشويه كل ما يجري في الدولة المصرية ويستخدمون كل صغيرة وكبيرة في تسخين الأجواء والنيل من النظام، والإعلام الاسرائيلي يدعم ما يقوله الإخوان سعيا لدق المزيد من الأسافين وإشعال نار الفتنة تحقيقا لمصالح الدولة الصهيونية.
وبالعودة للمغالطة التي يستخدمها الجميع وهي الخلط بين الدين أو المذهب الديني من جانب وبين ما يقوم به بعض المنتمين إلى الدين أو المذهب في مكان ما من هذا العالم، فهناك فرق بين كلمة يهودي وبين كلمة صهيوني محتل يغتصب الأرض ويمارس القتل ضد أصحاب الأرض الحقيقيين.
قصة الحب التي نشأت بين مسلم ويهودية هي قصة بين شاب وفتاة كانا يعيشان على نفس الأرض في أمان وسلام في فترة تاريخية من تاريخ مصر ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بمسألة تبييض وجه إسرائيل، لأن وجه إسرائيل غير قابل للتبييض من الأساس ولو تم تجنيد كل الأعمال الفنية العربية لهذه المهمة من الآن إلى يوم القيامة.
المسألة تكمن إذا في الخلط بين المذهب وبين ما يرتكبه بعض أنصار هذا المذهب من شرور، تماما كما يحدث في الحديث عن أبناء المذهب الشيعي، حيث يحمل البعض كل أبناء المذهب الشيعي ما تقوم به إيران من سياسات توسعية ونشر للفتنة في منطقتنا، وما يقوم به بعض أبناء المذهب الشيعي – وليس الكل - من ممارسات تابعة ومؤيدة لما تقوم به إيران، وهنا تأتي الخطورة وتأتي الفتنة التي تقوم إيران بترسيخها لأنها تستفيد منها في كل الأحوال.
وبكلمات أخرى، إيران بلاشك تسعدها مسألة الأحكام العامة الجامدة على كل أبناء المذهب الشيعي ويسرها كثيرا أن يقوم البعض بالنظر إلى الشيعة جميعا على أنهم منتمون لولاية الفقيه وتابعون لإيران، لأن هذا يخدم مصالحها بنفس الطريقة التي تستخدمها إسرائيل، مما يشعل الفتنة من زاوية ويرسخ فكرة تبعية الشيعة جميعا لإيران من زاوية ثانية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية