العدد 2385
الأحد 26 أبريل 2015
banner
“من تعلم لغة قوم أمن مكرهم” د. بثينة خليفة قاسم
د. بثينة خليفة قاسم
زبدة القول
الأحد 26 أبريل 2015



في هذا التوقيت قررت كليات اللغات بجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية تعليق تدريس اللغة الفارسية فيها، وقال المسؤولون الجامعيون إن هذه البرامج تشكل عبئا كبيرا على أعضاء هيئة التدريس في الوقت الحالي.
هذا القرار، رغم أنه يشتمل على وقف برامج لغات أخرى مثل اليابانية والصينية، إلا انه قرار غير منطقي في الوقت الحالي، خصوصا في ظل ما يجري من محاولات إيرانية دؤوبة للاختراق والهيمنة على المنطقة،وكان ينبغي أن يحدث العكس، حيث إن اللغة من أهم أدوات المعركة الجارية حاليا.
كان ينبغي أن تتوسع كل دول الخليج، بل والدول العربية في تدريس اللغة الفارسية، وبإمكان الجامعات التي لا تملك ما يكفي من أساتذة أو مدرسين لتدريس اللغة استقدامهم من الدول العربية الأخرى.
اللغة هي الجسر وهي الوسيلة لفهم ثقافة الآخر والتعامل معه، وهي أيضا أداة الاختراق والتعامل مع العدو والصديق، وبالتالي لابد من تعلمها كأداة مهمة لا غنى عنها في ظل المخاطر التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية.
إيران تخاطب شعوبنا وتهاجم حكوماتنا باللغة العربية وليس بلغتها الوطنية، بل وتستخدم في ذلك ألسنة عربية غاية في الفصاحة، مثل لسان حسن نصر الله وعبدالملك الحوثي وغيرهما من أقدر الخطباء كممثلهم في البحرين، فبأية لغة وبأية ألسنة طويلة نخاطب الشعب الإيراني ونفند ما يقوله خطباء إيران وأتباعها؟
إيران تستخدم قناة المنار في دعايتها الرمادية الساعية لتأليب الشعوب العربية على حكامها وتنمية الطائفية من أجل تقسيم هذه الشعوب، فأية قناة نستخدم نحن في مواجهة ذلك؟
ما هو عدد الكتب الفارسية التي تترجمها وزارة الإعلام البحرينية أو السعودية أو الإماراتية أو الكويتية كل عام؟
أنا لا أتذكر أنني قرأت كتابا مترجما من الفارسية في حياتي، والنتيجة أن الإيرانيين يعرفون عنا اكثر مما نعرف نحن عنهم، وهذا أمر يستطيع ان يحكم على اهميته رجال الفكر والثقافة.
ربما يكون هناك من يرى أن تعليم الفارسية لأبناء العرب يساعد المشروع الفارسي في المنطقة، خصوصا أن تعليق برامج تعليم الفارسية جاء في هذا التوقيت الذي اتضحت فيه النوايا والمشاريع الايرانية أكثر من ذي قبل، ولكنني من بين من يرون أن إيقاف تعليم الفارسية لا يحقق شيئا في وقف الاختراق الايراني، لأن إيران تعلم الفارسية لمن تشاء وتنتقي من أبناء العرب، ثم تعود وتستخدمهم بألسنتهم العربية في اختراقنا،وبالتالي فالاختراق حادث وموجود في كل الأحوال ولا يمكن مواجهته إلا بفعل معاكس له.
مع كل الاحترام للذين اتخذوا هذا القرار في جامعة كبيرة وعريقة وهي جامعة الملك سعود، فنحن نتمنى أن يكون هذا التعليق لبرامج اللغات، خصوصا الفارسية، تعليقا مؤقتا وأن يتم العدول عنه عندما تتوفر لهم الكودار اللازمة للقيام بمهمة التدريس.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .