العدد 2844
الخميس 28 يوليو 2016
banner
التأمينات الاجتماعية بلا رقابة محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الخميس 28 يوليو 2016

كنا نتوقع أنّ التجاوزات في هيئة التأمين الاجتماعي انحسرت تماما إلاّ أنّنا فوجئنا قبل أيام بأنّ الهيئة “شهدت حالات انتفاع وسوء استغلال للمنصب تمثل في تكبد موازنتها 471 ألف دينار مقابل شراء خمس سنوات افتراضية لعشرين مسؤولا في الهيئة”. بالطبع يشكل الإقدام على هكذه إجراء لشراء السنوات للمسؤولين بالهيئة مخالفة صريحة للقانون.
 الذي نود أنّ نذّكر به هنا أنّ المخالفة المشار إليها لم تكن الأولى بل سبقتها عدة مخالفات ربما تفوقها في حجمها ومنذ سنوات. المؤسف أنّ التجاوزات ليست مقتصرة على شراء السنوات للمسؤولين وحدهم بل انها تطال أمورا أخرى كالاستثمار والتعيينات والترقيات والتوظيف وشطب الديون وتجاوزات القرارات ناهيك عن عمليات التخطيط العشوائية وغيرها.
 الاستنزاف في التأمينات الاجتماعية أصبح ظاهرة جلية ولم يعد بمقدور احد إنكارها. قبل سنوات أقدمت لجنة الهيئة باسثمار مئة مليون دولار بأحد البنوك الآيلة للسقوط مخالففة قرار مجلس الإدارة وحتى قرار الوزير المشرف على الهيئة وهو وزير المالية. وطبقا لتقارير فإن البنك حينها كان من أشد البنوك المتضررة جراء الأزمة المالية العالمية. وسؤالنا هنا هل من المنطق الدخول في مغامرة استثمارية في جهة ثبت بالأدلة القاطعة أمر خسائرها إضافة الى أنّ الإقدام على الاستثمار مخالفة لقرار مجلس الهيئة الذي نص على تجميد الاستثمار في البنوك.
 للتذكير فقط فإنّ عدد الذين يخضعون للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية 141 ألف مواطن بحريني أي ما يعادل نصف المجتمع البحريني تقريبا. فهل يحق للقائمين على الهيئة المجازفة بأموال كل هؤلاء ودون أن تكون لديهم دراية بما يجري في الهيئة؟ ثم إنّ ما يتوفر من اصول اموال لدى الهيئة تجاوز الثلاثة مليارات دينار. أما الذي يبعث على القلق لدى المواطنين أنّ الهيئة العامة للتأمينات بلا مدقق لحسابات وبلا مدقق داخلي وهو ما كشف عنه تقرير الرقابة المالية قبل سنتين! بل إنّ الهيئة لم تصدر تقارير محاسبية طيلة السنوات الفائتة وهو ما تفعله مؤسسات صغيرة لا تتجاوز أصولها بضعة ملايين دينار بحريني!
 وإزاء قضية كالتي نحن بصددها فإنها تتطلب منا المزيد من المصارحة. فقبل عام من الآن أعلن أحد النواب اختفاء ستين مليون دينار من حساب الهيئة. وبالرغم من أنّ مسؤولاً بالهيئة نفى الخبر وأضاف انه من المستحيل ان تختفي ما نسبته 2 % من موجودات الهيئة وطمأن المواطنين أنّ الهيئة لم تتعرض لا لخسائر ولا لاختفاء أموال بشكل قانوني أو غير قانونيّ، إلا أنّ غموضا كبيرا يلف الهيئة وثمة وثائق اثبتت انّ الهيئة قامت بتمرير نحو ستين مليون دينار من أموال المشتركين الى بنك أركبيتا في عملية تعد مخالفة كبيرة!
 ومؤخرا طرقت أسماع المواطنين أنّ ثمة ترتيبات لزيادة نسبة الاشتراكات وإلغاء التقاعد المبكر ورفع سن التقاعد الى 65 سنة. وبلا شك انّ مثل هذه المعلومات اصابت المواطنين بالإحباط وهي نتيجة لسوء إدارة هيئة التأمين للاستثمارات والأموال الموجودة في الهيئة والتي تقدر بـ 3.5 مليارات دينار. الزيادة المقترحة جاءت بناء على دراسة لمعالجة العجز الاكتواري الحاصل في صندوق التأمينات. إنّ حل المعضلة كان يكمن في إيجاد فريق إداري قادر على استثمار أموال التأمينات ودفع مستحقات المتقاعدين من أرباح الاستثمارات.
الذي تجدر الإشارة إليه أنّ العجز في زيادة مضطردة وأنّ الوضع طبقا لما اكده ديوان الرقابة المالية استمرار انخفاض فائض إجمالي الايرادات للصندوق مقابل إجمالي مصروفاته، إذ بلغ في عام 2014م 41 مليونا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .