العدد 2839
السبت 23 يوليو 2016
banner
أوضاع الأطفال تدق ناقوس الخطر محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
السبت 23 يوليو 2016

شكّل تراجع المؤشر السنوي لحقوق الطفل إلى الترتيب الأخير خليجيا خيبة أمل كبيرة. الفارق بلغ 23 درجة إذ كانت البحرين تحتل الترتيب 83 عالميا وهبط إلى 106 وهذا يعد بكل المقاييس انتكاسة خطيرة تستلزم من كل الجهات المعنية بالطفل وليست الوزارة وحدها البحث في الأسباب المفضية إلى هذه النتيجة المفزعة.
المعايير التي تم على ضوئها قياس المؤشرات خمسة هي: الحق في الحياة والحق في الصحة والحق في التعليم والحق في الحماية وتوافر البيئة المناسبة لحقوق الطفل. وبداهة إنّ هناك خللا أدى الى هذه النهاية غير المتوقعة. وطبيعيّ أنّ المؤشر المذكور يدق ناقوس الخطر، إذ لا يجب ان يمر دون مراجعة للاستراتيجيات المعتمدة حول اوضاع الطفولة.
 لابدّ هنا من الإشادة بالمكتسبات التي حققتها مملكة البحرين على صعيد الطفولة من خلال إقرار قانون الطفل. ومصادقة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد على القانون الذّي يحتوي على 69 مادة من بينها انّ الدولة تكفل حماية الطفولة والأمومة بالإضافة الى رعايتها الأطفال وتهيئة الظروف المناسبة لهم لتنشئتهم تنشئة صحيحة من كل النواحي. وتضمن القانون تشكيل لجنة وطنية للطفولة لدراسة ورصد المشاكل والاحتياجات الأساسية للطفولة كما يعالج قانون الطفل الرعاية الصحية للطفل وسجله الصحيّ وغذاءه ودور الحضانة وورعاية الطفل المعاق.. الخ. إنّ هذه الخطوات بالتأكيد تعد منعطفا حضاريا بالغ الأهمية للحد مما يتعرض له الأطفال من أخطار بقيت على الدوام موضع قلق بالغ للآباء والهيئات المجتمعية والدولة معاً.
 وأتذكر هنا أننيّ أشرتُ مرارا الى ضرورة وضع حد لما يتعرض له الاطفال من مخاطر عدة كالاستغلال الجسدي وفي الوقت ذاته المحافظة على حقوقهم. فالأطفال عرضة للإهمال النفسي والجسدي. وفي هذا الإطار خطت وزارة التنمية خطوة مهمة قبل أربع سنوات بتدشين خط هاتفي لنجدة ومساندة الاطفال في البحرين وكانت بادرة جديرة بالاحتفاء. لكننا نتساءل اليوم وبعد سنوات من تنفيذها هل مكنت من التصدي والحد من اشكال الاستغلال لهم أم بقيت مجرد فكرة عابرة؟
 لابد من وقفة مصارحة مع انفسنا إذا كنا بالفعل نتطلع الى تحقيق وضع صحي للطفل. الواقع يصدمنا بالطبع من خلال الاحصاءات بأنّ فئة من الاطفال لم تزل عرضة لأشكال الاعتداءات الجسدية والنفسية والأخطر هنا الجنسية. ولعل الذي يبعث على الأسى وجود نسبة من الأطفال هجرت مقاعد الدراسة ولجأت الى العمل في ظلّ ظروف بالغة القسوة. ورغم أنّ قضية عمل الأطفال أثير حولها جدل في مجلس الشورى وتم إقرار مادة بهذا الشأن تنص صراحة على “حظر تشغيل الطفل الذي يقل عمره عن خمسة عشر سنة ويراعى تشغيل من هم فوق هذه السن وعدم الاضرار بسلامته أو صحته أو جوهر الحقوق المنصوص عليها في هذا القانون كما تراعى قوانين العمل في المملكة”، إلاّ انّ منظر الأطفال وهم يزاولون الأعمال المرهقة يتكرر أمامنا حتى اليوم!
نجزم بأنّ تراجع مؤشر الطفولة له علاقة وثيقة بما تمر به بعض الأسر من اوضاع مادية. فقد اكدت الدراسات الاجتماعية انّ التخلف الدراسي الذي تعاني منه فئات من الطلبة يعود الى الاوضاع الاجتماعية وفي مقدمتها الفقر. وهذا العامل – الفقر – يضطر بعضهم الى دفع اطفالهم الى العمل. من هنا نطالب الجهات المعنية بالبدء فورا بمعالجة أصل المعضلة لخلق عالم أفضل للطفل وبيئة ملائمة للعيش.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية