العدد 2759
الأربعاء 04 مايو 2016
banner
قانون الصحافة في الأدراج محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الأربعاء 04 مايو 2016

يصادف الثالث من مايو اليوم العالمي لحرية الصحافة، ولسنا بحاجة الى التأكيد على أهمية الكلمة المكتوبة في عصرنا الحاضر. دور الصحافة هو امتداد للأدوار التي تنهض بها السلطتان التنفيذية والتشريعية، في كشف مواطن الخلل في كل الأجهزة والبحث عن حلول واقعية وموضوعية لمعاناة المواطن. لكنّ المؤسف انّ تعاطي المسؤولين مع القضايا المطروحة يتسم بسوء الفهم والنظرة الى الصحافيين بوصفهم أعداء.
في أحد الاستطلاعات التي اجريت في السنوات الأخيرة حول الصحافة أوضح أحد من يشغلون موقعا مهماً “كنت لا أنام الليل بسبب ما تنشره الصحف عن مشاكل المواطنين، كنت استيقظ في الليل مفزوعا وأشد ما كان يؤلمني استغلال وظيفتي للحفاظ على موقعي اطول فترة، وعندما جاء دوري في التقاعد لم يتبق لي سوى الحسرة والندم والألم”!
إن من بين القراء من يتابعون الكتابات الجادة والواعية بل إنّ بين هؤلاء من لديهم القدرة على التمييز بين الغث والسمين. وفي الوقت ذاته هناك من فهموا انّ دور الصحافي هو فقط الإشادة حتى لا نقول المديح. ونسي هؤلاء أو تناسوا انّ الكلمة امانة كبيرة بل تعتبر من اعظم الامانات مصداقا للآية الكريمة “ما يلفظ من قول الاّ لديه رقيبٌ عتيد”.
كانت الأمنية التي تجول بخاطرنا كصحافيين أن يتم اقرار قانون الصحافة القابع في ادراج المجلس النيابيّ منذ سنوات بعيدة. ورغم أنّ جميع اعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية يؤكدون اهمية انجازه الاّ انّ الواقع انّ الجهتين تتقاذفان المسؤولية في عدم الاقرار. وما ان تثار قضية تخص السادة النواب حتى يفاجئنا البعض بمقولة “لا تنتظروا من المجلس النيابيّ حلاً!”، الأمر الذي عودنا عليه الاخوة الاعضاء هو ان نشهد خطبا عصماء بيد أنّ النتائج غالباً مخيبة لآمالنا.
 نتذكر ونحن نطرق قانون الصحافة انّ الحكومة أجرت بعض التعديلات على المسودة للصالح العام ولصالح المشروع كما قيل. لكن غير المفهوم ان يبقى مشروع بهذه الاهمية كل هذه السنوات طي الكتمان. البعض اصيب بحالة يأس لبقاء القانون عشر سنوات. قبل سنوات اطلق احد النواب بلجنة الخدمات تهديدا من انّ اللجنة ستمرر مسودة قانون المطبوعات والنشر اذا لم تستجب الجهة المعنية بالموضوع وتسلم للمجلس التعديلات خلال اسبوع واحد. المفارقة هنا انقضاء اكثر من دور تشريعيّ دون ان تفي الجهة بتعهداتها – كانت قد طالبت بمهلة قدرها شهر ونصف فقط - ولا رئيس اللجنة نفذ ما وعد!
من المحزن أن تتعاقب ثلاثة أدوار تشريعية وها نحن في الدور الرابع اي منذ عام 2004 حتى اليوم دون ان تكون هناك بارقة أمل في اخراجه الى النور. طبعا ليس بوسع احد ان يتجاهل الاضرار التي يتكبدها العاملون في الصحافة جرّاء التسويف في اقراره، فالقانون يتضمن العديد من الايجابيات التي تصب في صالح الصحافيين كإلغاء عقوبة الحبس اضافة الى الغاء مصادرة اية صحيفة او تعطيلها او الغاء رخصتها الاّ بيد القضاء او المحاكم.
 وهكذا يمر اليوم العالمي للصحافة ويخرج الصحافيون بلا قانون صحافي عصري بديل لقانون تجاوزه الزمن. ويبدو لنا أنه لا حل أو مخرج سوى اظهار قدرٍ من الاهتمام والجدية للصحافيين عبر اثارة القانون من جديد. ونعتقد أنه ليس من مصلحة أحد تعطيل قانون حضاري كالصحافة كل هذا الوقت.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية