العدد 2671
السبت 06 فبراير 2016
banner
نعم لقانون المرور ولكن! محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
السبت 06 فبراير 2016

لا أعتقد أنّ هناك من يختلف مع إدراة المرور عن أنّ الحاجة باتت تستدعي فعلا وضع قانون حضاري جديد تماشياً مع متطلبات العصر وأنّ الأغلبية من دول العالم المتقدم لها قوانينها الصارمة بل المتشددة وحتى الرادعة. ولأنّ القانون السابق لم يكن يلبيّ الوضع الجديد من جهة والعقوبات التي ينص عليها لم تكن رادعة بما فيه الكفاية لضبط سلوك البعض من الجهة الأخرى.
إذا أين هو الخلاف مع إدارة المرور؟ إنه ببساطة يتمثل في حجم العقوبات لمرتكب المخالفات المرورية. طبقا لما صرّح به مدير الإدراة فإنّ القانون حدد النقاط لمن يسيء استخدام السير وبما يتناسب ومدى جسامة المخالفة. فقد صنف القانون المخالفات الى بسيطة وخفيفة وأخرى جسيمة تلك المؤدية الى الوفاة، وجاءت العقوبة فيها كبيرة. إذ تراوحت الغرامات من خمسين دينارا الى خمس مئة دينار، وهذه بالطبع مما يحمّل الكثيرين أعباء فوق طاقتهم بل فوق مستوى ما يتقاضونه من رواتب. وهنا نتساءل هل كان المشرّع للقانون مدركا حالات هذه الفئة؟
نعم كنا ممن طالب إدارة المرور عدة مرات بتشديد الإجراءات بحق من يستهين بأرواح الناس بتصرفاتهم الرعناء وليس هناك من يتجاهل ارواح الابرياء ضحايا الحوادث المرورية، بيد أننا تمنينا من المسؤولين في ادارة المرور والسلطة التشريعية ممثلة في المجلسين النيابيّ والشورى التي اقرّت القانون بصيغته الحالية مراعاة ذوي الدخل المحدود ومستوى دخلهم.
إنّ مملكة البحرين وفقا لدراسة صادرة عن معهد ابحاث النقل التابع لجامعة ميتشجن الأميركية تحتل المرتبة الرابعة عالميا من اصل 193 بلدا من حيث ضحايا حوادث المرور. بعد دولة الإمارات العربية المتحدة ثم قطر والكويت. وتوصلت الدراسة التي حملت عنوان وفيات حوادث الطرق في 193 بلدا مقارنة مع اسباب رئيسة للموت الى انّ نسبة ضحايا حوادث الطرق في مملكة البحرين مقارنة مع الوفيات نتيجة اسباب اخرى تبلغ 7.3 %.
أما الخبراء في الإدارة العامة للمرور فإنهم يعزون الأسباب الرئيسية لأغلب الحوادث الى السلوك الإنسانيّ وطبعا المعنى يشير الى الممارسات الطائشة غير المنضبطة من فئة من مستخدمي الطرق وشكلت نسبة تفوق التسعين في المئة. شخصيا كنت اتمنى من ادارة المرور وأعتقد أنّ آخرين يشاطرونني الرأي لو انّ حملة توعية وتثقيف لثقافة مرورية سبقت عملية تطبيق القانون تهدف الى ترسيخ الوعي المروري. البعض يطالب ان تكون البداية من رياض الأطفال وحتى المرحلة الجامعية. التوعية المرورية اساس السلامة أما العقوبة فإنّها ليست السبيل الأوحد لحفظ المجتمع. اضافة الى انّ ارساء تقاليد المجتمع الحضاري واجب كل فرد وليس الادارة بمفردها.
 اضافة الى ما سلفت الإشارة اليه فإنّ المطلوب تواجدا مروريا في  المناطق وهنا قد يرد علينا القائمون على شؤون المرور بأنّ الاجهزة الالكترونية كفيلة برصد المخالفين وهذا صحيح لكن الذي يجب التنبه اليه انّ دور رجل المرور يشكل رادعا للكثيرين من الاقدام على اي تجاوز او تعدٍ على القانون.
الذي نود التذكير به انّ ارواح الكثيرين ذهبت ضحية السرعة. انها من المسببات لحوادث المرور وبالطبع ليست السرعة السبب المباشر لكنها الاخطر والاشد فداحة. بقي القول إنّه في ظلّ القانون الجديد فإننا نتوقع أن نشهد تغييرا في “السلوك البشري” ومن هنا فإنّنا نطالب ان يتم تطبيق القانون على الجميع وألا يستثنى منه احد كائنا من كان.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .