العدد 2601
السبت 28 نوفمبر 2015
banner
مؤسسة حقوق الإنسان تحتاج إصلاحات جذرية محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
السبت 28 نوفمبر 2015

نعتقد أنه آن الأوان لإجراء إصلاحات جذرية في المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان. هذه المؤسسة التي تأسست قبل سنوات بمرسوم ملكيّ انطلاقا مما توليه القيادة السياسية من حرص على تعزيز المكتسبات الحقوقية النابعة من الحقوق الانسانية. وانطلاقا من الحرص الملكي على ان تكون المؤسسة مرآة لتمثيل فسيفساء المجتمع، فقد رُوعي في التشكيل تمثيل السلطة التشريعية والمرأة والأقليات بشكل مناسب لمجتمع البحرين بأطيافه المتعددة. ورغم أنّ المؤسسة تضم الخبرات المشهود لها بالكفاءة والمؤهلة في مجال حقوق الإنسان إلا أننا صُدمنا بما أشار اليه تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية من تجاوزات بالغة الخطورة لا يجب السكوت عليها بأي حال.
ما كشف عنه تقرير ديوان الرقابة المالية باختصار شديد أنّ المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان قامت باستقطاع 41.844 ألف دينار بحرينيّ من رواتب الموظفين وهي تمثل حصة هؤلاء في اشتراكات التقاعد وأقساط قروض التقاعد من دون تحويلها الى الهيئة العامة للتأمين الاجتماعيّ كما يفترض واستخدامها لتمويل المصروفات التشغيلية خلال العام. وقيام المؤسسة بهذا الإجراء طبقا لتقرير الرقابة المالية من شأنه تعريض موظفي المؤسسة الوطنية لمخاطر قانونية ومالية وذلك لاعتبارهم متوقفين عن سداد الأقساط الشهرية لقروضهم وفقا لسجلات الهيئة وإلحاق الضرر بحقوقهم التقاعدية.
 الأدهى والذي لم يكن يخطر ببال أحد وفوق التصور انّ المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان دأبت على استخدام المبالغ المستقطعة من رواتب الموظفين - وهذا ما تضمنه تقرير الرقابة – لتمويل المصروفات التشغيلية للمؤسسة. وهنا يبدو التساؤل مشروعا هل تمويل المصروفات تم بناء على القانون أم هو تصرف مزاجي من قبل الموظفين؟ وهل كبار المسؤولين بالمؤسسة على علم بهذا الإجراء أم انه تم دون علمهم؟ وفي الحالتين فإنّ مثل هذه التجاوزات مؤشر بالغ الدلالة على مدى ما يجري داخل مؤسسة حقوق الانسان من تجاوزات وفساد. غير أنّ توصية ديوان الرقابة كانت صريحة بأنّ على المسؤولين بالمؤسسة ضرورة تحويل مبالغ اشتراكات التقاعد وأقساط القروض الى هيئة التأمين الاجتماعيّ بصورة دورية بحسب ما نص عليه قانون تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لموظفي الحكومة.
هناك تساؤل هنا في ضوء ما أسلفت الإشارة اليه وهو أين صرفت المبالغ وفي أي مكان ذهبت؟ والأهم هنا هو الكيفية التي يتم من خلالها استرداد هذه المبالغ. إذا كانت المؤسسة الوطنية قد بدأت دفع اشتراكات التقاعد المتأخرة المتعلقة بالخدمات والقروض التقاعدية للعام 2014م لعدد من الأشهر فإنّ التساؤل بأية كيفية يتم هذا؟ الإجابة كما جاءت من قبل القائمين على المؤسسة أنها ستتم بحسب توافر السيولة النقدية! لكن أحدا من المسؤولين في المؤسسة لم يشر من قريب أو بعيد في أية أوجه تم صرف تلك المبالغ! وكأنّ المبالغ الضائعة ليست إلاّ بضع مئات من الدنانير! ثم هل ينوي من أنيطت بهم مهمة إدارة المؤسسة صرف النظر عن هذه التجاوزات؟ ولماذا لا يحال من أقدم على مثل هذه المخالفات الى التحقيق ليأخذ القانون مجراه؟ إنّ محاسبة الفاسدين التصرف الطبيعيّ حيال من اقترف أية جريمة.
إنها مجرد أسئلة تتداعى الى الذهن لأننا بالفعل لا نعرف الإجابات.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .