العدد 2598
الأربعاء 25 نوفمبر 2015
banner
احتياطي الأجيال القادمة في مهب الريح محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الأربعاء 25 نوفمبر 2015

ما كشف عنه الحساب الختامي لصندوق احتياطي الأجيال القادمة يدعو إلى القلق. ولمن يدقق في نسبة المصروفات وحجم المكافآت فإنه يلحظ أنّها تضاعفت خلال عام واحد فقط وشكلت قفزة غير منطقية. وإلاَ من يصدق أنّ ترتفع خلال عام واحد فقط من تسعين ألفا إلى 324 ألف دولار؟ ما يعني انّ هناك قفزة هائلة دون مبررات مقنعة. لابدّ من رقابة صارمة على كيفية سير العمل وإلاّ فإنّ المتوقع ان يتعرض الصندوق الى الافلاس في غضون سنوات قلائل.
هناك شواهد تدعم ما ذهبنا اليه منها على سبيل المثال اتعاب مدقق الحسابات التي ارتفعت بنسبة 100 %، إذ قفزت من أربعة آلاف الى ثمانية آلاف في غضون عام واحد فقط. أما ما يتقاضاه القائمون على حساب الاحتياطي من موظفين وإداريين فقد قدر في نهاية عام 2012م بـ 21 ألف دولار، وبعد عام واحد فقط قفز الى 173 ألف دولار، ما يعني التضاعف عشرات المرات، وذلك بكل المقاييس غير منطقي وغير مقبول.
الخشية التي أبداها اعضاء مجلس الشورى حيال ما يواجهه الصندوق تتمثل في المبالغ المستقطعة لصالح الصندوق في ظل ما تشهده اسواق النفط من تدهور في الأسعار. إذ إنها في هبوط مستمر، الأمر الذّي يؤكد انّها ستتوقف.
الواقع الاقتصادي الحالي سيلقي بظلاله القاتمة على وضع الصندوق. كان السؤال الذّي يدور في الاذهان هو التالي: هل بإمكان الدولة ان تستمر في دفع المكافآت للقائمين على الصندوق إذا ما واصلت اسعار النفط  الانخفاض؟ كل المؤشرات تؤكد أن الدولة ستوقف هذا الدعم لا محالة بالنظر الى سياسة التقشف الرامية الى ضغط الانفاق. المثير للدهشة أنّ رئيس اللجنة المالية والاقتصادية خالد المسقطي توجه الى زملائه الشوريين قائلا إنّ أسوا التكهنات المستقبلية بخصوص أسعار النفط تشير الى أن البرميل سيباع بأعلى من أربعين دولارا ولذا فإنّ الصندوق بخير! المفارقة هنا أن يتزامن هذا التصريح في ذات اليوم الذي تهاوت فيه الأسعار إلى تسعة وثلاثين دولارا!
ملاحظة تتكرر في كل عام تصدر فيه تقارير الرقابة المالية حول صندوق الأجيال القادمة تؤكد ضرورة العمل على وضع استراتيجية استثمارية لتحقيق عائد مالي جيد بما يحقق الزيادة السنوية في عائدات الحساب. اضافة الى ملاحظة لا تقل أهمية اشار اليها ديوان الرقابة المالية والإدارية تتمثل في عدم وجود لجان للاستثمار والتدقيق والمخاطر للنظر في فرص الاستثمار والاستراتيجية والأداء وما الى ذلك تماشيا مع التوجه لتعزيز المكاسب المالية للاحتياطي سنوياً.
هناك تساؤل لدى الكثيرين حول الاستثمار تحديدا وهو لماذا انحصرت الاستثمارات في الأسهم والسندات والودائع قصيرة وطويلة الأجل وصرفت النظر عن الاستثمارات الأخرى المتاحة التي من الممكن ان تحقق عائدات أكبر دون التعرض لمخاطر مالية؟ لعل الاسباب الكامنة وراء هذا ضآلة خبرة اعضاء مجلس صندوق الاحتياطيّ وبالتالي ضرورة ضم من يمتلكون الخبرات والكفاءات في مجال استثمار الأموال. وضرورة وضع استراتيجية استثمارية مناسبة لاستثمار الأموال ذات عائد مالي جيد ومخاطر منخفضة.
ورغم تقديرنا واعتزازنا بالدور الكبير الذي ينهض به ديوان الرقابة المالية والادارية في كشف الخلل والاخطاء في صندوق الاجيال القادمة الى أنّ الديوان غير معني بتحليل السياسات الاستثمارية لكشف عيوب استثمار اموال الصندوق ومن هنا فإنّ الحاجة اصبحت ماسة الى شركة متخصصة خارجية بهدف التأكد من الكيفية التي تدار بها الاستثمارات.
 بقيت ملاحظة لابدّ من الاشارة اليها، إنّ فكرة رائعة كصندوق احتياطي الاجيال القادمة لا يجب التهاون والتراخي في إدارتها وهي مسؤولية نعتقد أنّها مناطة بأعضاء السلطة التشريعية بالدرجة الأولى.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .