العدد 2517
السبت 05 سبتمبر 2015
banner
ديمقراطية التعليم... واقع أم شعار؟ محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
السبت 05 سبتمبر 2015

المعضلة التي تواجه المعلمين اليوم لا تكمن فقط في فقدانهم احترامهم عندما تحولوا إلى مجرد موظفين وليسوا مربين كما كان الحال قبل عقود. وغالبا ما تتلخص شكاوى الهيئات التعليمية والإدارية في كونهم منفذين لاستراتيجيات الوزارة وكان الأولى أن يكونوا مشاركين في وضعها. ونتذكر هنا - كمثال فقط -القضية التي سبق أن أثارت موجة من الغضب والاستياء البالغ لدى اخواننا المعلمين قبل سنتين عندما تبنت الوزارة استراتيجية الثقافة العددية على طلاب المرحلة الابتدائية من الصف الأول الابتدائي حتى السادس. ورغم اعتراضات المعلمين والمعلمات الاّ أنّ الوزارة ضربت بها عرض الحائط ومضت في تطبيقها غير مكترثة بها لسبب بسيط هو ان هؤلاء مجرد منفذين!
قد يتساءل البعض لماذا الاعتراض على ادخال الأنظمة الحديثة على مناهج التعليم؟ إنّ الحقيقة التي غفل عنها هؤلاء أنّ اعتراض الإخوة اعضاء الهيئات التعليمية ناجم عن كونهم رافضين للتطوير وهو ما اشار ذات مرة اليه وزير التربية والتعليم الدكتور ماجد النعيمي في احد الملتقيات الخليجية الأمر الذي لم نكن نتمنى ان يصدر من رجل بحجم ومكانة وزير التربية لا بوصفه وزيرا للتربية فحسب بل لأنّ هذا يناقض الواقع تماما.
فالمعلم البحرينيّ يُقبل على برامج التأهيل والتدريب التي تعدها الوزارة بحماس لا نظير له، فمن اقترب من ممارسي عملية التعليم فإنه سوف يندهش من الحاح هؤلاء على الحصول على المؤهلات التعليمية والتربوية وحرصهم البالغ على نيل اعلى المؤهلات حتى لو كان على نفقتهم الخاصة ما بالك اذا كانت الدورات ممنوحة من وزارة التربية والتعليم. نعم قد ترفض فئة محدودة من المعلمين والمعلمات ممن أمضوا في التعليم ثلاثة عقود وأكثر من الزمن وبعد أن وهن منهم الجسد ولم يعودوا قادرين على الاستيعاب كما كانوا ابان مطلع شبابهم، وتقتضي منّا الموضوعية والإنصاف تقبل اعذارهم وألاّ نرهقهم بما لا طاقة لهم به. وكان من الأجدى ان تسنثنى هذه الفئة من التدريب أو رفع الكفاءة لأكثر من سبب اهمّها انّ جلّ تفكير هؤلاء منصرف في مرحلة ما بعد العمل ومشاغل أخرى. إنّ الذي نحن متأكدون منه انّ المعلمين هم انفسهم من يطالبون بالتطوير والتحسين وبرامج التدريب وإتاحة فرص التعليم العالي امامهم ولدينا العشرات من النماذج التي تعضد ما نقول.
إنّ وزارة التربية والتعليم يحق لها أن تفخر بالكفاءات في مختلف التخصصات بحقل التربية والتعليم الذين ضربوا أروع الأمثلة في التفانيّ والتضحية في اداء مهامهم طوال فترة عملهم، لا ان نحاول الانتقاص منهم او التقليل من جهودهم غير مدركين الآثار الوخيمة التي من الممكن ان تخلفها مثل هذه التصريحات على نفسياتهم، المعلمون لا يطلبون سوى انصافهم وتقديرهم التقدير الذي يعيد لهم مكانتهم وهيبتهم نظرا لما يكابدونه من متاعب وهموم.
ليس هناك تجنٍ أكبر ولا ظلم أفدح من ان يلصق بإخواننا المربين في جميع المراحل التعليمية من أنهم يفتقدون “الدافعية للتعليم وعدم رغبتهم في رفع مستواهم التربوي والتعليميّ”، ولا أمض على النفس من ان ينطلق هذا الظلم ممن ينتمون الى حقل التربية والتعليم بل ممن في قمة الهرم التربوي. لسنا بحاجة الى اجترار مقولات باتت راسخة في الأذهان من انّ رسالة المعلّم مقدسة، وبقي التذكير بأنّ الشعار الذي ترفعه الوزارة وهو “ديمقراطية التعليم” يجب أن يأخذ مجاله في الواقع التعليميّ.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية