العدد 2485
الثلاثاء 04 أغسطس 2015
banner
وضعنا الذّي لا يسرّ محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الثلاثاء 04 أغسطس 2015

ليست المرة الأولى التي يخرج فيها العرب منكسري الأحلام وخالي الوفاض من المسابقة السنوية لاختيار أفضل خمسمئة جامعة عالمية. كم يشعر الإنسان العربيّ بالخجل والمهانة بعدم وجود جامعة عربية واحدة، نعم واحدة فقط، - في هذا الدول النفطية وغير النفطية - بين أفضل خمسمئة جامعة عالمية. البعض للأسف لا يعد هذا مفاجئا على الإطلاق مبررا الحالة بأنّ التعليم ليس فقط المؤشر على تخلفنا وانحدارنا بل هو ضمن سياق عام يشمل كل الأصعدة السياسية والاقتصادية وغيرها.
قبل عامين احرزت جامعة بوستيك في كوريا الجنوبية المرتبة الولى كأفضل جامعة في العالم متفوقة على اعرق الجامعات في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وللمرة الثانية على التوالي. وإذا علمنا أنّ عمر الجامعة لا يتجاوز الخمسين عاما فإن هذا بكل المقاييس يعد معجزة مذهلة. وأميركا وبريطانيا اعتبرتا هذا الإنجاز العلميّ بمثابة ناقوس خطر على وضع التعليم في بلديهما وتحديا علميا وتكنولوجيا دفعهما الى بحث المسألة باعتبارها خطرا على أمنهما ومستقبلهما التعليميّ.
في هذا العام تصدرت اميركا القائمة بـ 158 جامعة، وألمانيا 39 جامعة، وبريطانيا 37 جامعة، وإيطاليا 25 جامعة، وإسبانيا 15 جامعة، وأستراليا 11 جامعة، والصين 27 جامعة، واليابان 24 جامعة، وكوريا الجنوبية 17 جامعة. ولم تخلُ القائمة من دول آسيوية كسنغافورة والهند وتركيا وماليزيا. أمّا اسرائيل فلها خمس جامعات فالجامعة العبرية كان ترتيبها الـ 23 على مستوى العالم. ثم معهد وايزمان للبحوث في المرتبة 39 ثم جامعة تل أبيب “86”.
في ضوء هذه الحقائق المرعبة التي يقف لها شعر الرأس ربما يتساءل البعض منا، محقا بالطبع، هل بعد كل هذه المنجزات العلمية بمقدورنا هزيمة اسرائيل؟ الذي لا تعلمه الأكثرية منا أنّ الاهتمام بنوعية التعليم المرتكز على المضمون العلمي والتكنولوجيّ هو أحد الأهداف المحددة التي قامت عليها الحركة اليهودية. الهدف الذي يسعى له اليهود هو انشاء قاعدة علمية وتكنولوجية متكاملة متفوقة في امكاناتها وقدراتها على العرب اجمعهم. ولا يتأتى هذا الاّ بتوظيف طاقات العلماء اليهود المهاجرين واليهود الذين لم يهاجروا ممن يحتلون مواقع مهمة خارج اسرائيل. الخلاصة التي من الممكن ان نتوصل اليها من هذا أنّ العقيدة اليهودية تأسست على ان تصبح اسرائيل متفوقة علميا كضرورة من ضرورات الأمن القوميّ.
فهل يبدو مستغربا أن يحرز اليهود الأكثرية الساحقة من جوائز نوبل بـ 154 في كل الفروع منذ إنشائها عام 1901؟
طبعاً لم تقف جميع الأنظمة العربية أمام خبر صاعق كهذا موقفا جديا فلم نقرأ على سبيل المثال أنّ دولة واحدة فقط بين الاثنتين والعشرين استشعرت حجم الكارثة. ومن البديهيّ ازاء هذه الكارثة المدوية ان يتساءل الفرد العربيّ البسيط وليس المسؤول، ترى اين يكمن الخلل في تخلفنا وتراجعنا؟ انّ العامل الأهم وراء هذه النكسة المفجعة هو اعتقدانا انّ التعليم والبحث العلميّ ليس من الضروريات التي نبذل في سبيلها الاموال ولا باعتباره – التعليم - مسألة أمن قومي واقتصادي كما هو الأمر لدى اسرائيل كما اسلفنا فبقينا نجتر خيبتنا. اما العامل الآخر فنعتقد أنه يكمن في اسلوب التعليم الذي عفى عليه الزمن وإلاّ من يصدّق أنّه لا يزال بين الممارسين لعملية التعليم مستمرون في التعليم التلقينيّ رغم ما قطعه العلم من اشواط. المؤسف انّ هذا النمط من التعليم ليس قاصرا على المراحل الأساسية في التعليم بل هو المعتاد حتى في التعليم العالي!
إنّ على الدول العربية معالجة هذا الخلل الفادح بأقصى ما يمكن، نقول هذا ونتذكر ما فعلته الولايات المتحدة الأميركية قبل اكثر من عقدين من الزمن عندما قرعت جرس الإنذار بأنّ “أمتنا في خطر” بعد ان لمست تدنيا في درجات الطلب في المواد العلمية والرياضيات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية