العدد 2456
الإثنين 06 يوليو 2015
banner
لا تتركوا مصر وحدها محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الإثنين 06 يوليو 2015

لماذا مصر هي المستهدفة والآن تحديدا؟ يبدو لنا أنّ موقع مصري القومي كان ولا يزال هدفا منذ عقود بعيدة ذلك أنها تشكل بموقعها الفريد ومواقفها القومية مصدر قوة للأمة العربية ليس بوسع قوة أخرى النهوض بها. ومن هنا جاء اغتيال النائب العام المصري هشام بركات وأعقبه عمل إرهابي آخر في سيناء استهدف الأبرياء من ابناء مصر.
من نفذوا كل هذه الأعمال الإرهابية كانوا يريدون هدفا واحدا هو خنق الاقتصاد المصري وضرب أحد موارده الأساسية أي السياحة. هناك ما يزيد على خمسة ملايين مصري يعتمدون اعتمادا أساسياً على صناعة السياحة، يأكلون لقمتهم منها دون أي مصدر آخر، وبالتالي فتدمير هذا المورد الحيوي يعني استهدافا للإنسان البسيط قبل أي شيء آخر.
المتأمل لما جرى في مصر على مدى الشهر الفائت يقف على حقائق مفجعة، ففي مطلع يوينو أفاقت مصر على هجوم إرهابي استهدف احد اشهر مواقع مصر السياحية هو معبد الكرنك الذي يعد الأكثر استقطابا للسواح من كل بلدان العالم. ورغم تأكيد الاعلام المصري أنّ حركة السياحة لم تتأثر اطلاقا بالهجوم وأن وفود السواح تتوافد على مصر وأنّ الحياة تنتصر على الإرهاب الاّ انّ مصر شهدت أعمالا ارهابية متتالية فيما بعد وسط القاهرة.
الهدف الذي يرمي وراءه المنفذون والمخططون لهذه العمليات هو شل الاقتصاد المصري أما آثاره السلبية فإنها تتمثل في جعل الإنسان المصري يفقد ثقته في النظام بأنه غير قادر على حمايته والهدف الآخر اظهار الدولة المصرية بأنها لم تعد قادرة على مواجهة ما بتعرض له المواطن المصري.
إزاء كل هذه الاحداث الاجرامية لم نفاجأ أن يخرج علينا هذا الطرف أو ذاك برد الحوادث الى جهات خارجية تريد النيل من وحدة الأمة وتفتيتها الى آخر هذه التبريرات التي لا آخر لها. وكنا نتمنى لو أنّ جميع المنتمين لهذه الأمة من كتاب وسياسيين ومفكرين تخلوا في كل مرة تتعرض لها أرض عربية الى اعتداء عن اللجوء الى هذه النظرية المستهلكة التي لم يعد يصدقها أحد وربما حتى قائلوها. فليس هناك أسهل من الترويج لهذه النظرية البائسة التي اضحت كالشماعة تعلق عليها كل الأخطاء السياسية. وليس هناك أسهل من توجيه أصابع الاتهام لهذه الجهة أو تلك ممن يكنون العداء ويتربصون بنا الخ... وبالمقابل ليس هناك اصعب من الاعتراف بالأخطاء والخطايا للأنظمة السياسية. وإلا ماذا يعني رغم الكوارث التي تحل بهذا القطر أو ذاك ويذهب ضحيتها العشرات من الأفراد أن لا نجد أن يقف مسؤول عربي واحد يعترف بالمسؤولية ويقدم استقالته على الأقل؟ ألا يدل هذا على ترهل وعجز لهذه الأنظمة؟ إنّ هذا الوضع للأسف يدل دلالة قاطعة على انّ تلك الأنظمة بعدم إقرارها بالخطأ ومن ثم العمل على اصلاحه بأنها تغط في سبات عميق.
المفارقة التي تستعصي على الفهم أنه بدلا من أن تلجأ الأنظمة العربية أو اغلبها إلى اصلاح الخلل أو تداركه على الأقل كنا نتمنى عدم افتعال المبرّرات الخارجية. فالتبرير أسوأ آفة يقتات عليها المشتغلون بالسياسة في عالمنا العربيّ، إنّ الإصلاح يعني ادخال المزيد من التطوير على النظام السياسيّ حتى لا تجد هذه الأنظمة نفسها خارج العصر وربما هي كذلك بالفعل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية