العدد 2454
السبت 04 يوليو 2015
banner
دراما رمضان... إسفاف وتهريج محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
السبت 04 يوليو 2015

السؤال الذي يدور في أذهان المشاهدين لما يعرض من أعمال درامية هو التالي، هل استطاعت هذه الأعمال أن تحمل رؤية ثقافية أو فكرية من أي نوع؟ وهل هي فعلا معبرة عن هموم وواقع الإنسان العربيّ؟ أي هل تلامس واقعه أم أنها تدور في عوالم أخرى؟ المحزن أنّ أغلب القضايا التي تناولتها أعمال الدراما الرمضانية اتخذت منحى بعيدا عن الفن ولو أحسنا الظنّ فإنها لا تتعدى كونها اسكتشات. وبعيدة عن الفكاهة والإضحاك، لا يوجد موضوع للمعالجة سوى التهريج، فبعد ترقب لأشهر من الدعايات كانت النتيجة مخجلة ومخزية للأسف.
لا أدري حقيقة ما الذي يدفع هيئة الإذاعة والتلفزيون إلى عرض أعمال درامية تفتقد الى الحد الأدنى من الحرفية الفنية في شهر رمضان بالتحديد. ذلك أنّ المشاهدين اعتادوا في هذه الأيام من السنة التفرغ لمشاهدة ما يبعث فيهم الراحة بعد عناء الاّ انهم للأسف يصدمون بما يزيد عناءهم ويكدر عيشهم. المثال هنا مسلسل طفاش والآخر “حار وبارد”. الأول رغم استبدال بعض الممثلين بوجوه جديدة الا انّ السمة الطاغية على حلقاته التهريج. يغيب عن العمل النص وبالتالي الرسالة المراد توصيلها للمشاهد كما يفتقد الرؤية الإخراجية وحتى أداء الممثلين باهت ومرتجل ونرجو ألاّ يذهب ذهن القارئ الى اننا نقلل من قيمة ما يتمتع به طاقم العمل من مواهب لكنّ الذي نقصده انّ جلّ العمل عبارة عن إسفاف وضحك على ذقون المشاهدين بدلاً من إضحاكهم.
أتصوّر أنه في البداية لابدّ من تعريف دقيق للرسالة التي ينهض بها التلفزيون فهذا الجهاز الخطير أسيئ استخدامه الى الحد الذي يتم حشوه بالمواد والأعمال الهابطة وملء ساعات بثه بما اتفق حتى لو كانت تخرج عن الهدف المراد منه. إنّ التلفزيون قبل أن يكون أداة للمتعة والترفيه فهو وسيلة إعلامية لتوصيل رسالة متعددة الأهداف. وكما يؤكد الخبراء الإعلاميون أنّ التقنية الاعلامية تحتاج الى التحديث الدائم لتزيد من قيمتها الاستراتيجية ذلك انّ انفتاح المشاهد على الإنترنت يجعله يناقش باستمرار ما يشاهده. فليس من المنطقي ان يعرض ما يتناقض مع الأهداف السالفة. الذّي يعجز العقل عن تقبله كالعمل الذي وسم زورا بالكوميدي ونعني به “طفاش” على سبيل المثال والكوميديا براء منه. انه استغباء ذهنيّ يصعب تقبله فضلا عن أي شيء آخر. وأبلغ دليل على ما نقول هو حالة الاستياء العام من هذه المهزلة المفروضة على المشاهد كل يوم تحت مسمى كوميديا والمحزن انها تتزامن مع موعد الإفطار.
إنّ المهم هو أن يعي القائمون على التلفزيون حجم المهمة المناطة بهم، أي التدقيق في اختيار المواد لعرضها أكانت تندرج تحت الدراما أم الأخرى والمهم أيضا أن يرفضوا أي عمل لا تتوفر فيه المعايير التي على ضوئها يكون صالحا للعرض. لا يكفي أن تكون ضخامة الانتاج الشرط الذي على أساسه يتم اختيار العمل فمع ضخامة الإنتاج قد يكون الأقل نجاحاً ولا حتى أشهر أسماء النجوم المشاركة فيه فهذا أيضا لا يضمن جودة العمل الفنيّ.
وهنا بودي أن ألفت أنظار المسؤولين عن الإنتاج الدرامي بهيئة الإذاعة والتلفزيون إلى ضرورة البحث عن اصحاب المواهب في التمثيل ممن أثبتوا جدارتهم عبر العشرات وربما المئات من الأعمال التلفزيونية والمسرحية وبعض أعمالهم فازت بالجوائز في المهرجانات الخليجية والعربية إلاّ انّ المؤسف انّ التلفزيون يتجاهلهم!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .