العدد 2418
الجمعة 29 مايو 2015
banner
جففوا منابع الإرهاب محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الجمعة 29 مايو 2015


يوم أمس شيع أبناء القديح في محافظة القطيف بالمملكة العربية السعودية الشقيقة شهداءهم في مشهد يعد الأول من نوعه. اكتست الوجوه بالحزن ومرارة الفراق كانت مرسومة وعلت صرخات البكاء من ذوي الضحايا بالتهليل والنحيب. جموع هائلة من أبناء المملكة شاركت في توديعهم إلى مثواهم الأخير. كافة الشخصيات الوطنية من كل الأطياف حضرت موكب التشييع الحزين مؤكدة أن يد الإرهاب لا يمكن أن تفرق بين أبناء الشعب الواحد والنسيج الوطنيّ الذي يشدهم إلى بعضهم بعضا.
 وكانت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بلسما خفف من وطأة الحزن والفجيعة على أهالي المنطقة. جاءت الكلمة صريحة متوعدة الإرهابيين بدفع الثمن باهظاً وأنهم لن يفلتوا من العقاب جراء فعلتهم النكراء. ولقيت الكلمة أصداء واسعة لدى مواطني المملكة عامة وأبناء القديح على وجه الخصوص حيث فجع ابناؤها بالعملية الإرهابية. واعدت كلمات العاهل الكبير بمثابة نواة لتأسيس مشروع نهضوي موحد لجميع أبناء الوطن. جاءت متضمنة القوانين التي تجرم كل أشكال العنف وأنّ (النظام يفرض هيبة الدولة على الجميع) وأكدّ مثقفو القطيف أنهم اعتادوا من خادم الحرمين الشريفين المواقف الحازمة والحاسمة والسريعة.
أمنيات أبناء القطيف أن تترجم هذه الرسالة التاريخية إلى برنامج عمل ومشروع وطنيّ كبير يحافظ على وحدة وامن واستقرار البلاد الطيبة. إن أبناء القطيف يلمسون في الملك سلمان بن عبد العزيز أنه والد للجميع. وحين يؤكد قائد البلاد أن مرتكبي الجريمة لن يفلتوا من العدالة فانه شمل بالعقاب كل العناصر المشتركة فيها من دعاة ومحرضين ومتعاطفين. من هنا أيضا جاءت مناشدة الأهالي بتضافر الجهود لمحاصرة الفكر الضال بالتوعية نظرا لما ينطوي عليه من مخاطر التعصب والتفكير بل الإلغاء.
 الذّي تأكد لدى الجميع أن الإرهاب الأعمى لا يستهدف مدينة دون أخرى ولا يفرق بين مواطن وآخر، أنه يستهدف الجميع دون استثناء بل يستهدف التضامن والتلاحم بين جميع المواطنين كما يهدف اثارة النزاع والشقاق بين ابناء الامة الواحدة. ومن هنا كانت المطالبات الملحة الى اصدار نظام لتجريم الكراهية والبغضاء بكل أنواعها سواء تلك التي تقوم على اساس مذهبي أو دينيّ أو قبليّ. النظام المقترح يشكل قوة للدولة والمواطن على حد سواء ويزيد من هيبة الدولة وقوتها. كما أكدت الجريمة البشعة انه بات من الضرورة العمل وبكل الإمكانات على اجتثاث الفكر التكفيري الظلاميّ وتجفيف منابعه الثقافية والإعلامية وفي طليعته الفضائيات المتطرفة التي تدفع بالمزيد من التشنج والتكفير.
 لم تغادر الذاكرة بعد أنه قبل تسعة اشهر من اليوم كانت الجريمة المروعة في الدالوة بالاحساء من المملكة العربية السعودية الشقيقة التي اراد من خلالها الارهابيون زرع الفتنة بين ابناء الوطن والأرض واليوم يعاود الظلاميون فعلتهم المنكرة لكن اختاروا لها هذه المرة بيتا من بيوت الله هو مسجد الإمام علي بالقديح مسرحا لجريمتهم. ونتساءل هل المساجد وهي البيوت التي أراد الله أن يذكر فيها اسمه هي ساحة لتصفية الخلافات؟ وإزهاق نفوس بريئة في يوم هو أعظم الأيام عند الله والقلوب خاشعة مطمئنة بالتكبير والتهليل؟
ما الذي كان يخطط له هؤلاء الظلاميون من هذا الارهاب الاعمى ؟ انهم يبيتون النية لبث الكراهية والبغضاء بين ابناء الامة الواحدة بيد أنّ مخططاتهم ارتدت عليهم بالخيبة والخذلان فاللحمة الوطنية ازدادت تماسكا والوشائج تتعمق بأضعاف ما كانت عليه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية