العدد 2417
الخميس 28 مايو 2015
banner
هموم المعلقات محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الخميس 28 مايو 2015


               
آن الأوان أن نعلنها وبصراحة أنّ قضية المعلقات لا بدّ أن تجد الآذان الصاغية. فالمشاهد أمام الكافة أن لا أحد يقرأ دموعهن ولا أحد يسمع آهاتهن ولا أحد يرى الجراحات في عيونهن. مأساة فئة البعض تجاوزت العشر سنوات دون أن تلوح بارقة أمل في حلها. المفارقة أنّ كل طرف يلقي باللائمة على الآخر، فرجال الدّين يتهمون أعضاء المجلس النيابيّ بأنهم العائق والمعطل لإصدار قانون الأحوال الشخصية، وهؤلاء – النواب – يردون التهمة بأنّ أفرادًا من رجال الدين يتحملون المسؤولية في عدم إخراج القانون إلى حيّز الواقع.
 في الندوة التي أقامها المجلس الأعلى للمرأة قبل أسابيع في المنطقة الشمالية قدّم المحاضر عرضًا مستفيضًا للإنجازات، وهي محل تقدير الكثيرين، وكانت الفرصة أن يتصدر قانون الأحوال الشخصية / الشق الجعفري الاهتمام الأوفر في الندوة، غير أنّ الجمهور أصيب بخيبة أمل مريرة، ذلك أنّ المحاضر وهو ممثل لمجلس المرأة أعلن دون مواربة أنّه غير معني بهذا القضية. طبعًا كانت الندوة شكلت صدمة ومفاجأة غير متوقعة لأنّ الحاضرين كانوا يتمنون وقوف المجلس بكل ثقله وإمكاناته، إلى جانب المرأة في القرية التي تئن من الوصاية بكافة أشكالها الدينية والسياسية والاجتماعية. وهكذا خرج الحاضرون منكسري الأحلام. إنّ الخلاصة التي توصّل إليها أنّ على هؤلاء المعلقات تحديدًا الانتظار إلى أجل غير معلوم لحل معضلاتهنّ.
قد يرد لدى البعض تساؤل وهم محقون فيه، لماذا تريدون فتح هذا الملف الشائك اليوم؟ لماذا إثارة كل هذه الآلام والشجون من جديد؟ إنّ الإجابة ببساطة لأنّ المأساة التي تمر به المعلقات والمعنفات لا يراد لها الحل. بالطبع هناك العديد من القضايا أمامنا تستدعي إثارتها غير أنّ الذي نود إيصاله أنّ قانون الأحوال الشخصية ليس قانونًا ثانويًّا حتى يتم تجاهله؟ إنه يهم فئة لا يستهان بها تعيش بيننا ومعنا، ومن هنا فلا يجب التعاطي مع هذا الملف بكل هذا الكم من اللامبالاة. كان يفترض من المجلس النيابيّ بوصفه ممثلاً لكافة الشرائح المجتمعية - والمرأة بالطبع إحداها - أن تكون أبوابه مفتوحة أمام المعذبات والمسحوقات والمعنفات من النسوة الباحثات عن الأمل والحرية غير أنّ المؤسف والمحزن أن أبوابه لا تزال موصدة ليس في هذا الوقت فحسب؛ بل منذ أمد طويل. وكأنّ المجلس النيابيّ بهذا الموقف المستغرب يمعن في استمرار عذابات هؤلاء بعدم بحثه القضية من الأساس.
إنه لمن المحزن أن تبقى قضية تهم الآلاف من مجتمعنا بلا حل حتى اليوم، رغم أنّ المعاناة تتفاقم والآلام في ازدياد. إذ حسب آخر تقدير تمت الإشارة إليه أنّ هناك ما يفوق الثلاثة عشر ألف امرأة معلقة بانتظار النظر فيها. الذي يجب أن يدركه الجميع أنّ بقاء القانون مجمّدًا يلقي بآثاره الوخيمة ليس على المرأة وحدها؛ بل مما يضاعف من حجم المأساة هو أنها تطول من يقعون تحت كنفها من الأطفال.
 وطبقًا لما يشاع على نطاق واسع أنّ معطليّ المشروع من رجال الدّين يشترطون أن يتضمن الدستور مادة تضمن عدم المساس بقانون الأحوال الشخصية بأي شكل من الأشكال وأن لا تكون عرضة للتعديل أو التغيير، غير أنّ هناك من يعترض من أعضاء المجلس النيابيّ أنّ المادة المقترحة ليست قانونية، ذلك أنّ من حق أعضاء السلطة التشريعية مناقشة مواد الدستور متى دعت الحاجة إلى ذلك. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .