العدد 2412
السبت 23 مايو 2015
banner
في مسألة اللحوم محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
السبت 23 مايو 2015

اثر ما أشيع وأعلن فيما بعد عن رفع الدعم الحكوميّ عن اللحوم بأنواعها، وبات يتعذر على الكثير من العوائل دفع الثمن المتوقع للكيلوجرام وهو “ثلاثة دنانير ونصف” وهو أعلى من مستويات دخولهم الشهرية فقد انطلقت دعوات في كل وسائل التواصل لمقاطعة اللحوم.
إنّ دعوة المقاطعة ليست جديدة فمما يروى أنّ الناس في عهد الخليفة علي بن أبي طالب ضجت من غلاء اللحوم فلما بلغ الأمر الى الخليفة قال لهم أرخصوه أنتم. فقالوا هو عند الجزارين ونحن اصحاب الحاجة فكيف تقول أرخصوه أنتم وهل نحنُ نملكه حتى نرخصه؟ فقال لهم الإمام عليّ: اتركوه لهم. أي حتى يضطروا الى بيعه بالسعر المعقول. الذي نعتقده أنّ هذا القول للإمام يمثل قاعدة اقتصادية جديرة بالتأمل. وإذا ما اخذت طريقها للواقع فإنّه بالامكان أن يؤثر على المدى البعيد ومن شأنه ان يدفع التجار الى تخفيض الاسعار لتسهيل أمورهم. المعنى الذي اشار له الخليفة “أرخصوه” هو الضغط على التجار حتى يبيعوه لكم بالسعر المناسب.
إنّ التجارب في بعض الدول الخليجية أكدّت انّ المقاطعة رغم تأثيرها المؤقت على المستهلكين الاّ انّ المكاسب المتحققة منها ايجابية جدا وتفوق المتوقع. كما اثبتت التجارب نجاحات منقطعة النظير عندما طال رفع الاسعار بضائع اقلّ اهمية كالطماطم والبيض فكانت الاستجابة لدعوات المقاطعة مذهلة الأمر الذي دفع التجار الى الرضوخ وتعديل الاسعار. انّ الدليل القاطع على فشل محاولات استغلال المواطن هو ما اقدمت عليه فئة من التجار بالاعلان عن البيع بسعر التكلفة.
الأمر الآخر أنّ المتوقع من رفع الأسعار المتعلقة باللحوم تحديدا هو اقناع الناس بتغيير عاداتهم الغذائية. ونحن على ثقة كبيرة من انّ أمرا كهذا ليس بالسهل تقبله على المدى القريب. القضية ليست محصورة بالعادات الغذائية فحسب بل تشمل كل ما اعتاد عليه الناس طوال حياتهم. وإذا كان الناس بمقدروهم شراء ما يحتاجونه فيما مضى فالمسألة اليوم باتت تتطلب اعادة نظر ملحة. المسألة التي تواجه الناس تحتاج الكثير من الجدية ولابدّ أن يفيقوا مما اعتادوا عليه.
رفع الدعم اثار ارتياحاً لدى المواطنين وهو ما كان يمثل رغبة لدى الشريحة الشعبية وذوي الدخل المحدود بشرط أن يكون المواطن البحرينيّ البسيط هو المستفيد. وليس هناك من يجادل من أن المواطن له الاولوية في الدعم. هذا المبدأ مطبق في كل بلدان العالم. وكان المواطنون يعانون على مدى سنوات طوال اشد المعاناة من انّ الدعم يذهب الى غير مستحقيه اي الى اصحاب الفنادق والمطاعم اضافة الى الاجانب الذين يمثلون نسبة تناهز اعداد المواطنين وهذا يشكل ظلماً فادحاً. ورغم الاصوات التي تجأر بالشكوى الاّ انّ اصواتهم تذهب ادراج الرياح.
ورغم أنّ التطمينات الصادرة من وزيرة التنمية الاجتماعية أنّ الشروع بتنفيذ آلية تضمن انّ الدعم سيوجه الى المستحقين وفق معايير صارمة الاّ انّ الكثيرين تنتابهم هواجس من قبيل أنّ الدعم المعلن عنه قد يتوقف لظروف اقتصادية تمر بها الدولة. ولعل ما اشارت اليه الوزيرة قبل ايام حول اعادة النظر في معايير علاوة الغلاء خير شاهد.
الأمور حتى اللحظة تشوبها الضبابية المتعلقة بكمية اللحوم التي سيتم تخصيصها لكل اسرة ذلك انّ التوزيع المعلن عنه سيكون وفق الفئة العمرية وهو ما خلق تشويشا لدى المواطن. اما الأدهى هو هل سيكون التعويض المالي كافيا لاحتياجات الأسرة من اللحوم؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية