العدد 2396
الخميس 07 مايو 2015
banner
دعوا الصحافة تزدهر محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الخميس 07 مايو 2015

بمناسبة اليوم العالمي للصحافة نود أن نؤكد أنّه لا يمكن للصحافة أن تنهض بأدوارها في ظل غياب قانون ينظم المهنة يحفظ للعاملين فيها حقوقهم ويسهل لهم تأدية مهامهم. فقانون الإعلام لم يزل معطلا في ادراج المجلس النيابيّ لما يزيد على العشرة أعوام والعائق كما أضحى شائعا هو المادة المتعلقة بحبس الصحافي. إنّ أعضاء المجلس السابق النيابيّ كانوا قد أكدّوا انّ الصحافي شأنه شأن أي مواطن آخر لابدّ أن يخضع للقانون أي ما ينص عليه الدستور بالحبس إذا ما أقدم على مخالفة للقانون وأنّ عدم الأخذ بهذا يعد مخالفة صريحة للمادة 18 من الدستور التي تنادي بالمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات.
الذي نود التأكيد عليه أن ليس هناك من يطالب بمنح العاملين في الصحافة امتيازات من أي شكل، لكن ليس من المنطقي التعامل مع الصحافيين كالمجرمين. وكان المقترح البديل هو فرض الغرامات متى ثبت بحق أحد منهم المخالفة أو الخطأ، الصحافيون يتذكرون بالتقدير البالغ والامتتنان الكبير ما أكدّ عليه جلالة الملك ذات مرة بأنه “لن يحبس صحافيّ في عهدي”.
لن تقدّر للصحافيين ممارسة أدوارهم الوطنية إذا كان البعض ممن يتقلدون المناصب القيادية في الأجهزة الرسمية يضيقون ذرعا بالكلمة الناقدة والأدهى انّ فئة من هؤلاء يدأبون بكل ما يملكون لتعطيل مهام الصحافيّ وإسكات كل نقد يكشف مواطن الخلل في وزاراتهم وكافة اداراتهم.
ولن تنهض الصحافة بمهامها ورسالتها العظيمة على أتمّ وجه اذا كان هناك من يحجب المعلومة عنها. وبات من البديهي لجميع العاملين في الصحافة والمتابعين ممن هم خارجها أنّ المعلومة هي حق للصحافي أوّلاً وللمواطن بالدرجة الثانية كما أنها تمثل محور العمل الإعلامي ومتى افتقدها الصحافيّ فإنّ جهده يبقى بلا اي هدف على الإطلاق.
ولن يقدر للصافة أن تأخذ دورها في التثقيف والتوجيه والإصلاح اذا كان هناك من يدأب على تعطيل ادواره. المعلومة تمكنّ الصحافيّ من الكشف عن مواطن الخلل ومن خلالها ايضا يمكن كشف ممارسات الفساد. ومن هنا فإنّ النقد لأي جهاز أو موقع هو اداة للإصلاح. وقلة من المسؤولين من أدركوا هذا المفهوم وفتحوا للكلمة الأبواب أما الاغلبية فإنّهم يضيقون عليها الخناق ويلاحقون الصحافي بكل الوسائل. اما النتائج المترتبة على الوضع فإنها كارثية وكلفتها باهضة يدفعها دائما المواطن. انّ اي مسؤول في اي موقع يضيق بالنقد فإنه يعطي الدليل القاطع على انه غير جدير بالموقع وغير جدير بالثقة التي منحت اليه وغير أهل للمنصب وكان عليه ان يستقيل من مهمته فوراً.
لا تزدهر الصحافة اذا كان هناك من يترصد للصحافي في كل شاردة وواردة، لسنا بحاجة الى خبرة سنوات طويلة للوقوف على هذه الحقيقة المؤلمة بل حتى لمن مارس العمل الإعلاميّ بضع سنوات ان يشهد مثل هذه الممارسات الفادحة. أليست مفارقة ما يتشدق به بعضهم من قبول النقد في العلن لكن ما ان يوجه الى قصور في وزارته أو مؤسسته حتى تقوم قيامته والأدهى هو التهديد بالقضاء وآخرون يعمدون الى الابتزاز وكأنّ النقد جريمة.
إزاء مثل هذه الممارسات التي تنم عن جهل فاضح بأدوار الصحافة ماذا يفعل الصحافي؟ إنه لا يملك سوى الكلمة فهل يركن الى التطبيل لهذا الطرف أو ذاك مما يتناقض تماما مع مبادئه وأخلاقيات المهنة ورسالتها؟ بالطبع لا نعني بفتح أبواب النقد الإساءة أو التجريح بل استهداف الحقيقة بهدف الإصلاح وتقويم الخطأ.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية