العدد 2300
السبت 31 يناير 2015
banner
تقاعد النواب حق أم تجاوز للقانون محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
السبت 31 يناير 2015

المقترح بقانون الذي تقدم به عدد من أعضاء مجلس الشورى لزيادة المزايا التقاعدية للنواب والشوريين والبلديين جوابه بالرفض التام لا من قبل المواطنين فحسب بل ايضا من قبل النواب لكونه يتعارض مع الدستور البحرينيّ أولاً الذي يساوي بين المواطنين، والسبب الآخر هو أنه يستثني النواب والشوريين والبلديين من موضوع السقف الأعلى للراتب التقاعدي.
دأب الشوريون في كل مرة يرفع اليهم مقترح بزيادة عامة لموظفي الدولة أن يعيدوا علينا عبارة مستهلكة مفادها أنّ ميزانية الدولة لا تتحمل أية زيادة وكان الأولى لهم أن يتخذوا موقفا مشابها لأي مقترح آخر بالزيادة خصوصا مع الظروف الاقتصادية التي تمر بها الدولة ونعني بها انخفاض اسعار النفط وما ادى اليه من عجز في موازنة الدولة. وكما اشار احد النواب الأفاضل إلى أنه لا يستقيم أن نطلب لأنفسنا تحسين أوضاعنا المعيشية على حساب المواطنين ناهيك عما يعاني منه صندوق التقاعد من عجز اكتواري فكيف لنا ان نزيد من النفقات أكثر من الدخل مما سيساهم سلبيا على الوضع المالي للصندوق، المشروع المشار اليه يمثل تكلفة مالية باهضة ويستلزم ادخال تعديلات جوهرية على الميزانية العامة للدولة.
إنّ التقاعد الذي يحصل عليه النائب البحريني هو الأعلى بين نواب جميع الدول العربية ناهيك عن المبالغ الأخرى التي يصرفها اعضاء المجلس النيابيّ ونعني علاوات بدل السيارات وبدل المكاتب...
لم نزل نتذكر الموقف الشعبي الرافض لتقاعد النواب قبيل سنوات وكان موقف النواب آنذاك هو إقراره بأي شكل دون الالتفات الى غضب المواطنين. المفارقة أنّ اعضاء السلطة التشريعية انصب جل اهتمامهم على قانون التقاعد الخاص بهم دون الاكتراث بتعديل الاوضاع المعيشية للمواطنين وبالأصح كان اهتمامهم بالمواطنين شكليا وهامشيا.
كان الرفض لتقاعد النواب قائما على اسباب اهمها انّ الاموال مصدرها صندوق التقاعد الذي يعاني طبقا لما يصرح به المسؤولون أزمة ستفضي به على المدى البعيد الى اعلان الافلاس اذا لم تجرِ عليه تعديلات عاجلة من قبيل رفع سن التقاعد المبكر وغيرها. ورغم أنّ الحكومة آنذاك رفعت نسبة الاقتطاع من الرواتب بنسبة 7 % تقريبا الا انّ شكوى القائمين على صندوق التقاعد لم تزل تتكرر الى اليوم. الإشكال الآخر الذي يستعصي على الفهم والإقناع يقوم على الأساس التالي: كيف تدفع رواتب لأعضاء المجلس النيابيّ بنسبة 50  % لا تتجاوز مدة عملهم اربع سنوات فقط في البرلمان؟ وهي في الأصل من أموال الموظفين العاملين في الدولة والذّين لا يمكن أن يتحصلوا عليها الاّ بعد سنوات عمل تبلغ 35 عاماً بالتمام؟
بالمقابل كانت التساؤلات المشروعة من قبل السادة النواب لماذا نحرم من الراتب التقاعدي؟ اليس من حق النائب ممن يمضي اربع أو ثماني سنوات في البرلمان في راتب تقاعدي أسوة بغيره؟ لا خلاف حول ما يطالب به النواب من راتب تقاعدي يقيهم ذل السؤال ويكفي عائلتهم خصوصا أنّ الاغلبية منهم يقاسون شظف العيش. الذي نود الإشارة اليه هنا انّ مطالبة النواب بالتقاعد لا يسوغ لهم على الاطلاق المطالبة بأكثر مما يستحقونه، ورغم ما يسوقه الكثيرون من اعضاء المجلس النيابيّ من تبريرات كونهم يشغل بالهم بشكل دائم الرزق وفقدانهم لمصدر آخر للعيش وأن قانون التقاعد معمول به في عدة بلدان عربية أخرى شبيهة لنا الاّ انّ هذا لا يتيح لهم المطالبة بتجاوز القانون.
إنّ قلق السادة النواب على مستقبلهم لا يجب أن يدفعهم الى المطالبة بما لا يستحقون أو يجب الا ينسيهم من كانوا سببا في وصولهم الى البرلمان.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .