العدد 2235
الخميس 27 نوفمبر 2014
banner
القانون المُعطَل محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الخميس 27 نوفمبر 2014

ليس من المعقول أن يبقى قانون بأهمية «قانون العنف ضد المرأة» قابعا في الأدراج حتى اللحظة. القانون تمّ اقراره من قبل المجلس النيابيّ وأحيل الى مجلس الشورى ولم يبت فيه الأعضاء. ما استدعى الى الذاكرة هذا القانون هو اليوم العالميّ للقضاء على العنف ضد المرأة الذي يصادف الخامس والعشرين من نوفمبر الذي تبنته الأمم المتحدة تحت عنوان «اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة».
الأرقام المتداولة حول تصاعد العنف الذي تتعرض له الأسرة بوجه عام والمرأة على نحو خاص آخذة في التفاقم مما يستدعي التساؤل حول الإجراءات الكفيلة بالحد من الظاهرة والدور الممكن أن يقوم به المجلس النيابيّ حيال هذه المسألة البالغة الخطورة. ورغم تقديرنا لمركز بتلكو بوصفه إحدى الجهات الداعمة لرعاية ضحايا العنف وللاتحاد النسائي والمجلس الأعلى للمرأة الاّ أنّ الذي يبعث القلق إزاء حالات العنف هو أنّ القوانين ليست رادعة بالدرجة الكافية لتحقيق العدالة ووقف الظاهرة أو التقليل منها.
الذي نعتقده في قضية بهذا الحجم والأهمية أن على المرأة أن تنهض بمسؤولية الدفاع عن قضيتها بالاعتماد على قواها الذاتية ووضع الاستراتيجيات الخاصة. فالعنف الممارس عليها من الرجل ومن هنا فإنّه ليس متحمسا لمهمة الدفاع عن المرأة. وتأكد أنّ اغلب من يتبجحون برفع الظلم عن المرأة من الرجال كانوا هم أول من تخلى عنها في أول مواجهة. إذ لا تزال في مجتمع الرجال عقلية قائمة على القمع والتسلط وإلغاء ارادة الأنثى ولا يزال المجتمع الأبوي مكرسا في المجتمعات العربيّة ومنه انتقل الى النظام الأسريّ وبصورة اشدّ وحشية. ولأحد المثقفين العرب مقولة ملخصها إيّاكم أن تنخدعوا بالقشرة الخارجية للرجل العربيّ الذي يعود من أوروبا حاملاً حقيبة سامسونايت فيها ثلاثة كتب وبضع مجلات. الحقيقة أنه يحمل في داخله عقلية لا تختلف عمن سبقه، إنه يمارس عقلية بدائية كأسلافه، إنّ الرجولة كما يفهمها الشرقيّ قائمة على الكسر وقمع حرية الأنثى.
إنّ مملكة البحرين أولت اهتماما بموضوع حقوق المرأة باعتبارها جزءا لا يتجزأ من حقوق الإنسان ومما يجدر بالذكر أنّها صدّقت على اتفاقية العنف ضدّ المرأة قبل سنوات كما أنّ المجلس الأعلى للمرأة رفع تحفظاته عن الاتفاقية بحيث يتم تطبيقها بصورة شاملة وبما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية.
التحديات التي تواجه المرأة اليوم تتمثل في انعدام المساواة في الأجور في بعض المؤسسات الأهلية والرسمية ناهيك عن النظرة الدونية اليها من قبل الإدارات مما حرمها من تبوء المراكز القيادية اضافة الى التمتع بالخدمات المقدمة من بعض المؤسسات كالإسكان وغيرها. ورغم ما يشير اليه البعض من أنّ هناك وحدات تعنى بتكافؤ الفرص في العديد من المؤسسات الأهلية وتعمل على مراقبة موضوع المرأة وكفالة حصولها على حقوقها في مواقع العمل الاّ أنّ الملاحظ أنّ الأغلبية منهنّ يقبعن في الوظائف الدنيا رغم أنّ الكثيرات من الموظفات أثبتن جدارتهن.
إنّ مسؤولية التصدي لما يمارس بحق الأسرة تقع في صلب الدولة أولاً ومن ثمّ المجتمع المدنيّ بكل فئاته من أندية وجمعيات. ولا نعتقد أنّ يطرأ أي تغيير في هذا المجال الاّ بتغيير العقلية المهيمنة في مواقع القرار بمؤسسات المجتمع المدنيّ. إنّ على هذه الجهات جميعا العمل بكل طاقاتها لإقرار الشق الثانيّ من قانون الأحوال الشخصية الذي بقي هو الآخر حبيسا للأدراج وإلى أمدٍ لا يعلمه إلاّ الله تحت مبررات أوهى من بيت العنكبوت.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية