العدد 2787
الأربعاء 01 يونيو 2016
banner
تركيا إلى الهرم والعودة للسقوط زيد سفوك
زيد سفوك
الأربعاء 01 يونيو 2016


بعد الغزو العراقي للكويت (عام 1990) دخلت المنطقة في متاهة التحالفات والمصالح، وأصبحت تركيا تدرك تماما أنها منعزلة عن الوسط الخارجي، بعد الرفض المستمر من قبل الاتحاد الاوروبي لانضمامها للاتحاد، نتيجة وضوح خيوط اللعبة التركية بدعمها المستمر الإخوان المسلمين، فلم يكن أمامها سوى التحالف مع نظام البعث في سوريا عبر استخدامها الملف الكردي، وتحولت بعدها الى الخليج العربي عبر سياسة منهجية وإظهار طابع الاسلام المعتدل لتشجيع قطاع السياحة والترويج لها كدولة ديمقراطية، ونجحت في ذلك بجدارة ورصدت اقتصادا متينا وعلاقات جيدة مع الوسط الإقليمي، لكنها اخطأت حين وضعت التمويل الهائل في خدمة الحزب الحاكم وتقوية الاسلام المتشدد ودعم المتطرفين، حيث زال الستار عن سياستها وتيقنت الدول العظمى المخطط العثماني بإعادة الامبراطورية، وذاك بحد ذاته بداية السقوط، مما يدل على أنها كانت في دوامة وتائهة عما يجري، فمن  دلائل فقدانها التوازن السياسي بدأت استخدام حدودها الموازية لسوريا كورقة ضغط لتنفيذ مطالبها، ولا سيما انه المنفذ الوحيد لتقديم الدعم للمعارضة السورية، وضربت عرض الحائط ارادة الشعب السوري في اسقاط النظام. لكن الاميركان والروس استدرجوها مع عامل الوقت حتى قلبوا المعادلة رأسا على عقب وأصبحت تلك الحدود هي بحد ذاتها شرارة انتهاء مخطط حزب العدالة والتنمية.
ما حصل في ثورة مصر لم تأخذه تركيا بالحسبان، فمصادرة الثورة من قبل الاخوان المسلمين ووصولهم الى قمة الهرم ومن ثم سقوطهم، كان بمثابة رسالة قوية من الأميركان بأنه لا مكان لتواجد الاسلام المتشدد او المتطرفين في منطقة الشرق الاوسط، والاكثر من ذلك انه دليل قدوم العاصفة باتجاه تركيا ولاسيما بعد ان تبينت سياستها واضحة المعالم، الا وهي مصادرة حرية البرلمان والقضاء على العلمانية والتحكم بزمام الامور، والسيطرة على الجيش لاستخدامه في سياسة الحزب الحاكم، ومن ثم قلب موازين السلطة من الحكومة الى الرئاسة، حتى توضحت الرؤية بأن انضمامهم الى الاتحاد الاوروبي اصبح في طي الكتمان وشبه محسوم، فالحزب الحاكم لم يعد له حلفاء في المنطقة، ولا تربطهم أية مصالح استراتيجية مع أية دولة اخرى، وهذا ما جعلهم من خلال امتلاكهم القوة العسكرية ان يحاولوا فرض أنفسهم كصديق مشترك لدول الجوار، وعلى ما يبدو انهم متناسين ان مصالح الاميركان والروس واليهود هي التي تفرض نفسها على منطقة الشرق الاوسط.
بشكل دائم في الظروف القاهرة والحروب تكون هناك ردات فعل خاطئة من بعض الدول، وذاك يأتي نتيجة التخبط لما يجري، وأحيانا يأتي كتوضيح بأن هناك من يستطيع ان يتجاوز الخطوط الحمراء، والحالة تدل على الضعف لأنها تدخل في خانة المساومة والتنازلات، وهذا ما جعل من تركيا ان تعود الى الهجمة العسكرية ضد الكرد وإنهاء عملية السلام وتفتيتها، ولديها تاريخ طويل في هكذا هجمات على سبيل المثال لا الحصر إبادة (الأرمن)، والصراع الداخلي هو بداية الانقسام وانهيار اركان الدولة، وسقوط الامبراطورية العثمانية في تسلسل مستمر منذ التاريخ القديم والمعاصر ولاسيما ان دعم اقتصادها الهائل يأتي من قطاع السياحة الذي بات شبه منقرض بسبب سياستها واستخدامها العنف للقضاء على الحريات، مما يجعلها في خانة عدم الاستقرار وانعدام الامان، ومن جهة أخرى دعمها المتواصل للإرهاب كتنظيم داعش وإمداده بشكل متواصل عبر اراضيها الى سوريا، وتلك حقيقة موثقة لدى الدول العظمى وصرح بها أكثر من مسؤول اميركي وأوروبي، وغير مستبعد أن يأتي الوقت المناسب لتسريبها للعلن لتكون صفارة النهاية للدول الداعمة لداعش ليعم الأمن والسلام في المنطقة. إيلاف.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية