العدد 2676
الخميس 11 فبراير 2016
banner
سوريا.. استعادة الأراضي ليست انتصارًا طارق الحميد
طارق الحميد
الخميس 11 فبراير 2016

ينصب الحديث الآن في سوريا على المناطق التي يستعيدها النظام الأسدي بدعم جوي روسي، ومقاتلين من الميليشيات على الأرض، تحت قيادة إيرانية، فهل نجح الروس؟ وهل كسر الأسد الطوق تماما؟ وهل هذا يعني أن الروس والإيرانيين هم من يحددون قواعد اللعبة الآن؟ الإجابة: غير صحيح، بل وهم.
بعد سقوط نظام صدام حسين بسرعة مذهلة عام 2003 ظهر في العراق أبومصعب الزرقاوي، عام 2004. وقاد إرهابا بشعًا هناك حتى تمت تصفيته في 2006. واعتقد البعض أن الإرهاب بالعراق إلى أفول حتى عادت «القاعدة» تطل من جديد، وتم تأسيس مجالس الصحوات السنية العراقية عام 2006، واستنجد بها الأميركيون لطرد «القاعدة» من الأنبار، وديالى، ونينوى، ومحافظة صلاح الدين، وحتى ببغداد، وطار الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن للقاء مؤسس مجالس الصحوة حينها عبدالستار أبوريشة، الذي اغتيل لاحقا حيث كان اللقاء بمثابة جعله هدفا للتصفية، خصوصا عندما اعتقدت حكومة المالكي أنها استطاعت كسر شوكة «القاعدة» مرة أخرى.
إلا أن ما حدث كان العكس، خصوصا بعد إعلان الانسحاب الأميركي من العراق، وذلك بعد وصول الرئيس أوباما للحكم، ومنذ عام 2009 تحديدا، والبعض يقول قبلا، بدأت ملامح تشكل تنظيم داعش بالعراق، وحتى ظهر أبوبكر البغدادي رسميا مؤخرا، وسقطت الأنبار، وغيرها، بيد داعش التي باتت على مقربة من العاصمة بغداد، حتى هب التحالف الدولي بقيادة أميركا وقام بقصف داعش وتأخير تحركها نحو بغداد، ثم تمددت داعش إلى سوريا، واحتلت ثلثها، وباقي القصة معروفة. حسنا ما المراد قوله هنا؟
المراد قوله: إنه بمقدور الروس، وإيران، ومعهما الأسد، استعادة أراض بسوريا من المعارضة أو داعش، لكن ذلك لا يعني انتصارا طالما أن الأراضي تستعاد والبشر تهجر، وتقتل، وتقمع، وتجوع، وتقصف. فطالما أنه لا حلول حقيقية لمصدر الأزمة، وهو بشار الأسد، والدعم الإيراني له، فإنه لا حلول، وكما حدث في العراق، فمقتل إرهابي يعني ظهور آخر ما لم تحل المشكلة جذريا،  وقمع البشر، وتكريس الطائفية، يعني أنه لا استقرار، كما يعني أن على الجميع توقع مزيد من المتطرفين بقادم الأيام، والأعوام، ناهيك عن أزمة اللاجئين، فاستعادة الأراضي لا تعني استعادة القلوب. المعركة مختلفة تماما، وهذا ما لا يعيه الروس، ولا يقدر عواقبه الأميركيون، ولا يبالي به الأسد بالطبع، ومثله إيران، ولا يتنبه لذلك حتى بعض المدافعين عن الأسد بمنطقتنا.
ومن هنا فإن الدرس المستفاد ليس من كتب التاريخ، بل مما نرى، ورأينا، في العراق الذي تحول إلى مستنقع طائفي، ولم يعرف الهدوء منذ 2003. وذلك بسبب غياب الحلول الجذرية، وهذا ما سيحدث في سوريا سواء استعاد الأسد قرى، أو حلب نفسها. استعادة الأراضي شيء، وتطمين القلوب، وإقناع العقول شيء آخر. الشرق الأوسط.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية