العدد 2787
الأربعاء 01 يونيو 2016
banner
إيران... خلط الأوراق الدينية والسياسية (1) يوسف الديني
يوسف الديني
الأربعاء 01 يونيو 2016

تصر إيران على خلط الأوراق في الإقليم عبر سياسات التشغيب السياسي التي تتبعها في تصريحاتها تجاه الخليج والسعودية، وآخرها استخدامها الملتوي لشعيرة الحج كأداة ضغط على المملكة، في حين أن سجل إيران في انتهاكات شروط هذه الشعيرة الدينية وآدابها متدنٍ للغاية، ومع ذلك منحتها المملكة فرصة أخرى دون استجابة، في تأكيد على تمسك نظام طهران بذلك التشغيب الذي تجاوز الحالة السياسية والنفطية لينفذ إلى الشعائر الدينية.
الخليج اليوم مستهدف من أكثر من جهة؛ إيران وأذرعها العسكرية في لبنان واليمن وسوريا، وتنظيم داعش الذي يتناغم مع سياسات إيران الخارجية باستهداف الخليج وتوتير المنطقة واستقطاب أكبر قدر من الشباب السني المنجرف وراء دعاية تنظيم داعش بسبب تردي الأوضاع في مناطق التوتر، وخصوصًا المجازر التي يرتكبها نظام الأسد الممعن في قتل شعبه وأهله دون حسيب أو رقيب من المجتمع الدولي.
وفي المحصلة يسعى نظام طهران إلى الاستفادة من الارتباك الكبير عقب ما سمي بـ “الربيع العربي”، في حين تسعى دول الخليج بقيادة المملكة لبذل ما بوسعها لإيقاف المد الإيراني وتثبيت استقرار الدول التي تعرضت لهزات سياسية في مرحلة الربيع وبناء تحالفات إسلامية كبرى بعد تراجع الحضور الأميركي في المنطقة مع مصر العربية وتركيا المحاذية لأوروبا من جهة والمنغمسة في مشكلات المنطقة باعتبار تقاطعها مع الحدود السورية، وأدى ذلك مع سياسة الحزم الجديدة إلى إعادة التوازن الاستراتيجي للحالة العربية.
الصراع الإيراني الخليجي لا يقتصر على حروب الوكالة التي تخوضها إيران، وإنما يمتد لأسواق النفط والطاقة، حيث تسعى إيران الآن إلى جذب الاستثمارات الأجنبية لقطاعها النفطي بعد سنوات الحصار، إلا أن ذلك مرهون بعدم نزول الأسعار أو تعويمها دون المستويات الدنيا، وهو ما يجعل سلاح النفط مهيمنًا على الأوضاع في المرحلة المقبلة.
ويترشح بعد التصعيد الإيراني أخيرًا تراجع فرص التعايش والتوافق السياسي في المنطقة، لاسيما بعد تورط نظام طهران في دعم الميليشيات المسلحة في سوريا، وقبل ذلك ما أثبتته وثائق بن لادن عن تبنيه تنظيم القاعدة، إضافة إلى دعمه اللامحدود لحزب الله وأنصار الله في اليمن (الحوثيين).
ذرائعية الحرب على تنظيم داعش لا تعني القبول بتسليح الميليشيات الشيعية وترك العنان لها في سوريا والعراق لتعيث بالمنطقة قتلاً وتشريدًا، فالحرب على الإرهاب يجب أن تتخذ صفة الشمولية وليست الانتقائية، فما الفرق بين إرهاب “داعش” وإرهاب الميليشيات الشيعية أو حزب الله أو انتهاكات الحوثيين في اليمن ضد المدنيين سوى مرجعية ذلك الإرهاب؟ ومن هنا فمن حق دول الخليج كما صرح وزير خارجية السعودية عادل الجبير الاعتراض على أدوار إيرانية أكبر في العراق أو تورط الفصائل الشيعية في القتال مع قوات الأمن ضد تنظيم داعش، بل هناك كثير من المواقع على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي تبادلت صورًا لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني، أثناء وجوده في الميدان، وهو ما يؤكد النفس الطائفي الكريه كذريعة للحرب على “داعش”، وبالتالي فإن تنظيم داعش سيجد ضالته في الدعاية لنفسه واستقطاب المجندين والشباب المتطوعين للقتال، بحجة أنها حرب بين السنة والشيعة أو الحق والباطل.
الإشكالية اليوم أن الاستعانة بالفصائل الشيعية المسلحة والميليشيات المؤدلجة لا تضمن للقوات العراقية هيمنتها على الأرض، بل هناك كثير من التقارير تتحدث عن تفوق وتجاوز قوات الحشد الشعبي للجيش العراقي خبرة وتسليحًا، وهو ما يعني أننا قد نشهد حربًا انتقامية ضد العراقيين السنة بحجة تدمير “داعش”، ولا شك أن ذلك بداية الشرر لفاتورة كبيرة في المنطقة من المرشح أن تدفعها كل الدول بسبب ضبابية الحرب على الإرهاب والانتقائية الشديدة في تحديد استراتيجيات الحرب عليه. الشرق الأوسط

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .