العدد 2846
السبت 30 يوليو 2016
banner
هل يفعلها ترامب؟ (1) سالم الكتبي
سالم الكتبي
السبت 30 يوليو 2016

بعد فوز المرشح دونالد ترامب رسمياً بترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية في نوفمبر المقبل، فإن المنطق يقول إن هناك فرصة لا تقل مطلقاً عن النصف لفوز ترامب في هذه الانتخابات لأسباب واعتبارات عدة أهمها أن فرص المرشحين الرئاسيين ـ الديمقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب ـ تكاد تكون ـ في الوقت الراهن ـ متساوية بالنظر إلى تقارب كفتيهما بشكل واضح في استطلاعات الرأي الأخيرة، بل إن ترامب قلص المسافة التي تفصله عن كلينتون من نحو 13 نقطة إلى 3 نقاط في آخر استطلاع للرأي، وهذا مؤشر لا يجب تجاهله أو القفز عليه مطلقاً.
الحقيقة أننا امام انتخابات رئاسية أميركية غير مسبوقة بل يصعب التكهن بنتائجها لسبب حيوي، وهو أن الدولة الأميركية تحرص تماماً على ريادة فكرة “النموذج”، الذي يمثل أحد ركائز تفوقها وسيادتها عالمياً، فالمعروف أن “تسويق” فكرة النموذج بحاجة إلى إبداع وابتكار، بل إن الحرص على هذه الفكرة يدفع إلى السعي باتجاه مفاجأة العالم بما لا يتوقعه، وكان الدفع بالرئيس الحالي باراك أوباما أحد تجليات هذا التفكير الاستراتيجي الأميركي، الذي تقف وراءه مراكز أبحاث ومؤسسات فكر تعمل على دراسة مستقبل التفوق والهيمنة الأميركية عالمياً، لاسيما على الصعيد الثقافي، أو سيادة ما يعرف بالنموذج والحلم الأميركي.
من هذه الزاوية تحديداً، أي زاوية المفاجأة والإبهار السياسي والثقافي، أشعر أن الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة محيرة، فالمرشحان قد يمثلان نموذجاً لهذا التفكير، فبالنسبة للسيدة هيلاري كلينتون، هناك احساس أميركي بالتأخر كثيراً عن مسايرة ركب الدول التي وصلت فيها المرأة إلى مقعد الرئاسة، حيث سبقت دول كثيرة الولايات المتحدة على هذا الدرب، وهو أمر لا يليق بدولة تسعى دائما إلى أن تتصدر مؤشرات التطور السياسي والنمذجة والقيم الثقافية في العالم، ومن ثم فإن تولي كلينتون منصب الرئاسة سيمنح الولايات المتحدة بريقاَ وتوهجاً سياسياً مهما في مرحلة تعاني فيها خطر الاضمحلال والتراجع في مواجهة قوى دولية صاعدة باتت تنافسها بقوة على قيادة النظام العالمي الجديد، وهذه المنافسة ستتمحور على بناء هيكلية جديدة لقيادة جماعية أو متعددة الأقطاب للنظام العالمي، بما يعنيه ذلك من تأثيرات سلبية على المصالح الاستراتيجية الأميركية، والطموحات الساعية إلى استمرار التفوق الاستراتيجي والإبقاء على القرن الحادي والعشرين قرناً أميركياً استثنائياً، وهذه الورقة تحديداً تراهن عليها كلينتون بقوة، حيث تركز على دعوة الناخبين الأميركيين إلى أن يكتبوا صفحة جديدة من تاريخ الولايات المتحدة، عبر انتخابها رئيسة للبلاد.
على الجانب المقابل، هناك المرشح الجمهوري دونالد ترامب، الذي يمتلك هو الآخر مؤهلات كي يصبح نموذجاً جديداً للمفاجأة الاستراتيجية الأميركية، فصحيح أن ترامب يعد بشكل أو بآخر رمزا للانعزالية المتجذرة في التاريخ الأميركي، ولكن يجب عدم تجاهل دور المؤسسات الأميركية في صناعة القرارات وأن الأمر ليس مطلقاً بيد الرئيس، كما يجب أيضاً ملاحظة الاشارات والتغيرات النوعية في خطاب الحملة الانتخابية لترامب ذاته في الأسابيع والأيام الأخيرة، فالرجل الذي اختاره ترامب لخوض الترشح معه على ورقة نائب الرئيس، وهو مايك بينس، حاكم ولاية إنديانا، قال في أول خطاب له “إن ترامب سيكون زعيماً قوياً يقف بجانب حلفاء أميركا ويدمر أعداء الحرية”، كما يلاحظ كذلك أن بينس كان ناقداً بحدة للحظر المقترح الذي يدعو إليه ترامب بخصوص دخول المسلمين الولايات المتحدة، لذا علينا إدراك رسالة الطمأنة الضمنية في هذا الاختيار الذكي من جانب المرشح الجمهوري. إيلاف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .