العدد 2929
الجمعة 21 أكتوبر 2016
banner
تحالف الطامعين والتفاحة الحمراء وطبول إيران في بغداد (1) صافي الياسري
 صافي الياسري
الجمعة 21 أكتوبر 2016

التحالف الذي ضم المعارضين الشيعة والأكراد والقوميين العرب والشبك والتركمان والعقائديين الشيوعيين والبعث المنشق وغيرهم، أطلق عليه تحالف المضطهدين، في إشارة إلى ما عانوه من اضطهاد من قبل البعث الصدامي، وتحالف المضطهدين هو الذي استلم السلطة بعد احتلال العراق، ولكن على أسس المحاصصة والتوزيع الطائفي والعرقي، وبذلك أثمر دولة عمادها الفساد، وحين أرادت أميركا احتلال العراق وإسقاط حكومة صدام، جمعت حولها تحالفا أسمته تحالف الراغبين، ووعدتهم بتقاسم الكعكة ولكنها أشركتهم في تقاسم التكاليف، واليوم تطرح كعكة الموصل التي يجب تحريرها نوعا آخر من التحالفات، تحالف الطامعين بحسب رؤيتي، ويضم الأكراد الطامعين في ضم مناطق من الموصل إلى كردستان تحت تسمية “الأراضي المتنازع عليها”، والطامعين في فرض سلطانهم على سنة الموصل وإقصائهم عن مطبخ قرار الدولة العراقية، وإيران لاحتواء الموصل كمحطة في طريق يمتد إلى سوريا وصولا إلى المتوسط ولبنان، وتركيا لتأمين حدودها، وأميركا لإبعاد روسيا عن أن تكون إحدى الدول المتصارعة النافذة في إقليم الشرق الأوسط، ودولا ساعية لإبعاد النفوذ الإيراني عن العراق وسوريا والمنطقة العربية، فما الذي سيثمر عنه هذا التحالف؟
الطبول التي تقرع اليوم على أنغام تحرير الموصل نؤكد بلا أدنى شك أو جدل أنها إيرانية الصنع والمقامات والألحان والكلمات التي ترافقها إنما هي كلمات فارسية يؤديها عرب عراقيون أسلموا قيادهم لخامنئي، فلا يترنمون بأشعار جلال الدين الرومي وإنما بشعارات خامنئي، متغنين بـ “الدولة الكبرى”.
نقرأ في كتب التاريخ عن مصطلح للعثمانيين عجز المترجمون عن نقله إلى العربية أو تقريبه من الفهم العربي هو: “التفاحة الحمراء”. ويقول أحد الكتاب العرب اختلف الباحثون حول المقصود بـ “التفاحة الحمراء”، فمنهم من اعتبرها روما، وهناك من قال فيينا، وبعضهم اعتبرها البندقية، وهناك من قال إنها الجنّة. وظهر هذا الاصطلاح بعد فتح إسطنبول “روما الشرقية”، لذا لم تسم المدينة بـ “التفاحة الحمراء”، ولكن من يسمع الساعين لتأسيس “دولة العدل الإسلامية”، “داعشية” كانت أم “فارسية”، يُدرك أن هدفهم هو “التفاحة الحمراء” أي إسطنبول القسطنطينية، (أو بغداد ودمشق وبيروت)، ويمكن أن تكون الموصل، وحلب، وصولاً إلى مكة.
طموح القسطنطينية “الداعشي” العقائدي أو “الفارسي الصفوي”، الثأري، (الذي أعلن عنه قائد ميليشيا عصائب أهل الحق) هو أداة مؤثرة جداً في الجعجعة، ولكن السياسيين العقلانيين يعرفون أن الجعجعة شيء والطحين شيء آخر.
الأميركيون الذين يقودون المليشيات الإيرانية ويحرسونها بطائراتهم يتحدثون كما لو أنهم الناطقون باسم “الولي الفقيه”، حتى أن الناطق باسم الخارجية الأميركية قال: “تركيا ليست ضمن تحالف تحرير الموصل”، وهي بحاجة إلى موافقة بغداد لكي تكون ضمن هذا التحالف، ما أوحى بأن الموقف الأميركي يزداد تشدداً في مواجهة تركيا.
 ويضيف الكاتب العربي أن ثمة حلقة مفقودة في مسلسل التصريحات النارية المتبادلة بين بغداد وأنقرة: إيران.
مشهد غريب حقاً، كل مريدي “الولي الفقيه” وصولاً إلى دراويش التكية الشيوعية يجعجعون، بينما الرياح القادمة من قمّ لا تحمل أي صوت حول هذه القضية، فالصمت المطبق هو الحاكم على تلك الجهة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية