هناك قلق عام من تعميم التجربة الإماراتية برفع الدعم عن الوقود في دول الخليج العربي، ولا يمكننا التحدث عن قلق الآخرين، أما عن قلقنا في البحرين، فإن أي ارتفاع في أسعار الوقود نتيجة رفع الدعم الحكومي عنها سيزيد بطبيعة الحال العبء على المواطنين والمقيمين في وقت لم نعد نطيق فيه مزيداً من الأعباء المالية، خصوصاً أننا في جدل هذه الأيام بشأن قضية إعادة توجيه الدعم الحكومي للحوم والكهرباء والماء وغيرها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن فوائد رفع الدعم الافتراضية لن تجدي نفعاً مع افتقارنا للعديد من المقومات، ومنها على سبيل المثال: عدم توافر خطوط المواصلات البديلة القوية والكافية في البحرين؛ فمازلنا غير قادرين على الاعتماد على المواصلات العامة، كما أن رأي المواطن في البحرين عن المواصلات ـ وما اعتاده أو يرغب به ـ شبيه برأيه في السكن بالشقق بدل البيوت، وهذا مُتعلق نوعاً ما بالفرق الكبير بين طبيعة قيادة سيارة خاصة تمتلك توقيتها والتحكم بها، وجبر الالتزام بمواقيت وأمكنة وسائل النقل العامة المختلفة شكلاً ومضموناً.
عند الافتراض جدلاً برفع أو تحرير أسعار الوقود في البحرين فإن ذلك بالتأكيد سيفرض على المواطنين التفكير ملياً قبل قضاء فسحة عائلية مثلاً، وقد يكون التزام خيار الجلوس في المنزل والتسامر أفضل حتى من مشاهدة التلفاز الذي قد يصاحبه ارتفاع بتكلفة المشاهدة مع رفع الدعم عن الكهرباء أيضاً في ظل (زحمة رغبات رفع الدعم المُزمنة) من قبل المسؤولين.
المواطن سيصبح دائماً، وكل صباح، على موعد مع أسعار جديدة حتى وإن حاولت الحكومة الإسهام في تقليل الضرر، وسعت جاهدة إلى عدم استغلال تحرير الأسعار بمراقبتها ومحاسبة المستغلين، لكن الأسعار ستكون مع ذلك مُرتفعة لا محالة.
إنّ توفير رفع الدعم للملايين بل المليارات من أموال الدولة أمر صحيح، يستحق الاهتمام، لكن هل بمقدورنا تدوير الأموال الموفرة في سبيل خدمة المواطنين من خلال مشاريع تصب لصالحهم بشكل مباشر؟ وهل نضمن عدم استغلال الأموال في أمور لن تخدم المواطن في شيء؟ لدينا تجارب عديدة سابقة لا تدعنا متفائلين واقعاً، وذلك مع احترامي لتلك التجارب التي لم نستفد منها كما رُوج حينها.
الحكومة تحتاج إلى دعم بطبيعة الحال، هذه حقيقة دوغمائية لا جدال فيها، تحتاج إلى سيولة بالطبع، تحتاج إلى موارد كي تتمكن من قيادة دفة الوطن إلى مستقبل مستقر وآمن اقتصادياً هذا صحيح، كما أن الآية الكريمة تشير بوضوح إلى أنه “لا يكلف الله نفسا إلا وسعها”، لكن الدولة بحاجة إلى محاربة الفساد المالي أيضاً والاستخدام المثمر والأمثل لأموالها. نحن مؤمنون بأن الدولة قادرة على تحمل مسؤولياتها يداً بيد إلى جنب المواطنين، لكننا نتمنى ألا تكلف الدولة مواطنيها ما لا تطيق هي نفسها تحمله.