العدد 2486
الأربعاء 05 أغسطس 2015
banner
وقاية الشباب من مرض الإرهاب أحم د ع مـ ران
    أحم د ع مـ ران
الأربعاء 05 أغسطس 2015


 
الإرهاب مرض يصيب العقول والقلوب، يكون الشباب أكثر عرضة للإصابة به، حيث يبدأ هذ المرض بعصبية فكرية ثم يتحول إلى قساوة قلبية تنتج العنف والدمار والخراب وقد تحرق الأخضر واليابس، ومرض الإرهاب لا تقتصر إصابته على جنس أو جماعة أو حزب؛ فأينما نشأ التطرف وجد الإرهاب فالتطرف هو المحرك الرئيس للفكر الإرهابي.
وذكر القانون رقم (58) بشأن حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية الآتي: “انه استخدام للقوة أو التهديد باستخدامها أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة تشكل جريمة، معاقب عليها قانوناً، يلجأ إليها الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المملكة وأمنها للخطر أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو أمن المجتمع الدولي، إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص وبث الرعب بينهم وترويعهم وتعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو الصحة العامة أو الاقتصاد الوطني أو المرافق أو المنشآت أو الممتلكات العامة أو الاستيلاء عليها وعرقلة أدائها لأعمالها، أو منع أو عرقلة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم عن ممارسة أعمالها”.
والسؤال هنا ما الدور الوقائي للأسرة والمجتمع والدولة لتحصين الشباب البحريني من عدوى هذا المرض المدمر؟
الوقاية الأولى والأهم تكمن في الأسرة فهي اللبنة الأولى في البناء الاجتماعي، ولا نبالغ إذا قلنا إن معظم المشاكل الاجتماعية حلولها مرتبطة بالمواقف الأسرية، بل لا يمكن التصدي للمشاكل التي تواجه المجتمع من دون البحث في مشاكل الأسرة وتقويمها. وللأسرة أهمية كبيرة جدا في تهيئة أفراد المجتمع منذ الصغر للعيش والاندماج مع المجتمع ومعرفة مكوناته وأطيافه وكيفية التعايش فيه والتعامل مع أفراده في جو تسوده الألفة والمحبة وتقبل الآخر والاحترام المتبادل في ظل العيش المشترك؛ بعيدا عن الحقد والكراهية والعصبية، فلو أن الأسر هيأت أبناءها على هذه الأسس لما وجد مكان لهذا المرض في المجتمع أصلا.
الوقاية الثانية تتمثل في المجتمع حيث يكون دوره في مواجهة حقيقية ومنطقية مع “الإرهاب” ومبرراته. ومن هنا يجب أن يعول بشكل رئيس على الطبقة المثقفة وعلى علماء الأمة ومفكريها في محاصرة هذ المرض والقضاء عليه وأفكاره التدميرية من خلال معالجة جذرية له. لذا يتوجب على المفكرين وعلماء الدين والجمعيات؛ بدء المواجهة برفض عمليات القتل والتخريب والتدمير وإدانة الإرهاب بشتى أنواعه، ليكون منبوذا في المجتمع لأن السكوت يعد تشجيعا له. وليست الإدانة وحدها كافية للقضاء على هذا المرض لذلك على مؤسسات المجتمع المدني إقامة الفعاليات والمحاضرات والندوات الحوارية لمواجهته.
الوقاية الثالثة تكون من قبل الدولة فهي مطالبة باحتضان الشباب وعدم تركهم عرضة للجماعات المتطرفة فكريا التي تسعى إلى استغلال حماسهم والدفع بهم من أجل تحقيق مصالحهم وأهوائهم الشخصية؛ لذلك يتوجب على الحكومة التخطيط لزيادة البرامج والفعاليات والأنشطة والندوات المقدمة للشباب من خلال وزاراتها ومؤسساتها المعنية بهم؛ والتي تسمح فيها لهم بطرح قضاياهم وتبادل آرائهم وأفكارهم وتقديم مقترحاتهم والنظر فيها بعين الاعتبار من قبل الجهات المسؤولة وذلك من أجل حماية فكرهم من الإصابة بمرض الإرهاب، لأن المعالجة الأمنية وحدها ليست كافية لمواجهة الإرهاب فلابد من مواجهة الفكر بالفكر للقضاء عليه، ومن هنا يتحتم على وزارة التربية والتعليم التركيز على الإرهاب وآثاره المدمرة في المناهج الدراسية لمادة التربية للمواطنة بدءا بالمرحلة الابتدائية، لضمان جيل معتدل بعيد عن العصبية والتطرف يكون محصنا ضد الإرهاب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .