العدد 2457
الثلاثاء 07 يوليو 2015
banner
لا حسيب ولا رقيب... ومعظمنا في سباتٍ عميق! أحم د ع مـ ران
    أحم د ع مـ ران
الثلاثاء 07 يوليو 2015

ناقوس الخطر يدق أبواب الناس للحفاظ على أبنائهم فهم رأس المال المدخر وعماد المستقبل للأسرة والوطن. فكما نراقب ونحسب وننمي الأموال النقدية لكي نحافظ عليها ونجني أرباحها، كذلك الأبناء يجب أن لا نفغل عنهم في أي حال من الأحوال لأن الغفلة هنا تستوجب الخسارة في رأس المال.
ولا ينكر عاقل أن الهواتف الذكية أصبحت الآن تلعب دورا كبيرا في حياة الناس، فقد أصبحت وسيلة للتواصل الاجتماعي والترفيهي والمعرفي، ونتيجة لذلك أصبحت تنتشر بين الأطفال والمراهقين بشكل لافت، خصوصاً في هذا الوقت الحالي يسلم الأهالي أبناءهم وبناتهم الهواتف الذكية وهم في المرحلة الابتدائية! أي قبل سن المراهقة، من دون أية رقابة أسرية في الغالب، لاسيما أنهم مقبلون على مرحلة المراهقة وهذا مما يزيد من خطورة هذا السلاح ذي الحدين.
هنا أذكر حادثةً من الواقع نقلها لي أحد الآباء حدثت لابنه في العام الماضي، حيث روى لي الاب أن ابنه البالغ من العمر 10 سنوات بعد نجاحه بتفوق في الصف الخامس الابتدائي؛ “اشتريت له هاتف “آي فون” مكافأة له وذلك بعد إلحاحٍ من والدته بالرغم من عدم قناعتي بفكرة الهاتف، فانغمس في لعب الألعاب واكتشاف البرامج والدخول الى مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أنه أصبح خبيراً في هذا المجال نلجأ إليه وقت الحاجة. وصارت حياته مرتبطة بهذا الجهاز ارتباطاً وثيقاً حيث يقضي فيه ساعات طويلة حتى أنه ينام والجهاز في يده، وأصبح قليل الكلام لا نراه الا في فترات الطعام، وفي هذا العام لاحظنا تغيرا واضحا في مستواه الدراسي فقررت حرمانه من الـ “الآي فون” حيث أبدى انزعاجه الشديد من ذلك، بعدها حاولت أن أفتح الجهاز لكي أرى ما فيه فلم أستطع لوجود قفل وضعه عليه، فطلبت منه الرقم السري ففتحته وأخذت أفتش في كل البرامج والملفات الموجودة فيه؛ وكانت هنا الصدمة التي لم تكن في الحسبان ووضعت حينها يدي على رأسي من هول مارأيت حيث اكتشفت في الجهاز صورا ومقاطع فيديو مخلة والأدهى من ذلك وجدت صوراً عاريةً له قد التقطها لنفسه، علاوة على ذلك؛ وجدت عشرات المحادثات مع أشخاص مجهولين كانوا يرسلون له الصور والمقاطع المخلة إضافةً إلى الألفاظ البذيئة التي كانت تكتب، وكأن ابني صار من أطفال الشوارع، وفي النهاية لمت نفسي كثيرا لأنني لم أخصص جزءًا من وقتي لمراقبة ابني”.
من خلال هذه الحادثة تتبين لنا بوضوح مخاطر الهواتف الذكية على الأبناء فيما إذا تم استخدامها الاستخدام الخاطئ، وأهم تلك المخاطر الاطلاع على الصور والمقاطع والمواقع المخلة، والتعرف على الغرباء والاحتكاك بهم مما يجعلهم لقمة سهلة للاستغلال بشتى أنواعه، العزلة الاجتماعية وضعف العلاقة بين أفراد الأسرة، تدني مستوى التحصيل التعليمي، إضافةً إلى ذلك الأضرار الصحية التي قد تنجم من الاستعمال المفرط لهذه الأجهزة كالسمنة وضعف البصر والإرهاق الناتج من السهر وقلة النوم.
 وفي الختام لا يمكن أن نمنع الأبناء من استخدام واقتناء هذه الهواتف التي هي أهم الكماليات في عالم اليوم، ومن المستحيل عملياً على الأهل مراقبة أبنائهم خلال تصفحهم المواقع الإلكترونية، لاسيما أنهم يحملون هواتفهم معهم أينما ذهبوا، الأمر الذي يدفعهم لاكتشاف مواقع محرمة والاطلاع من باب الفضول على أمور لا تتناسب مع أعمارهم، مما يمكن أن يقودهم إلى اضطرابات نفسية. لذلك يتعين على الآباء وضع ضوابط رقابية معينة للأبناء عند استعمال الهواتف الذكية وبناء ثقة متبادلة يسودها مبدأ الشفافية لضمان الاستفادة منها وتجنب المخاطر التي قد تنجم عنها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .