العدد 2550
الخميس 08 أكتوبر 2015
banner
فاعلية الإدارة الاقتصادية د. حسن العالي
د. حسن العالي
الخميس 08 أكتوبر 2015

هل صحيح أن جزءا من أسباب المشاكل والتحديات الاقتصادية المتراكمة تعود إلى الافتقار إلى ديناميكية الإدارة الاقتصادية وبطء اتخاذ القرارات المهمة؟
كثيرا ما أثير هذا التساؤل في الماضي، وهو لا يزال يثار على أية حال على الرغم من تفاوت حدة الإجابة عليه. والشكوى عادة تأتي من القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب، وحتى المواطنين الذين تطالهم بعض الأحيان مضار التأخير أو التردد أو التخبط في اتخاذ القرارات أو عدم وضوحها أو عدم الاستجابة الصحيحة للمشكلة القائمة كما هو حاصل حاليا.
وعندما تقوم بزيارة إحدى الدول الآسيوية التي قطعت شوطاً كبيرا في تجاربها التنموية يمكنك أن تلاحظ بوضوح ومن على صدر صفحات جرائدها اليومية، وإعلامها المسموع والمرئي كيف أن شؤون الحياة الاقتصادية الإستراتيجية والتفصيلية كافة مطروحة للحوار والمداولة ابتداءً بأجهزة الدولة ووصولاً إلى فئات المواطنين، وكيف أن المعلومات التفصيلية حول هذه الشؤون مكشوفة ومعروفة دون لبس أو مواربة.
وكيف أن المجال مسموح للتعاطي معها، وما إن يبرز تطور جديد يمس الاقتصاد تشكّل الأجهزة المتخصصة التي تتعامل معه استعدادا لاتخاذ القرارات الضرورية بشأنها.. وكيف.. وكيف..
فلماذا تختفي هذه المظاهر عندنا؟ ولماذا الفراغ والبطء في التعامل مع شؤوننا الاقتصادية؟ وغني عن القول إن هذه الظاهرة باتت تتضاعف خطورتها بالنظر لما نشهده حاليا من موجة عاتية أخذت بالدَّين العام إلى مستويات شاهقة تهدد بانخفاض مستوى دخل الفرد إلى مستويات متدنية.
إن لهذه الظاهرة باعتقادنا أسبابا عديدة، يأتي في مقدمتها غياب الإستراتيجية الواضحة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتي يمكن أخذ فلسفتها وأهدافها ومعاييرها كأساس لقياس كيفية التعامل مع المعطيات والمستجدات التي على أساسها يمكن اتخاذ القرارات.
والسبب الثاني يعود إلى بطء وعدم فاعلية الإدارة الاقتصادية والمالية الحكومية المسؤولة عن التعامل مع هذه المعطيات، وفي الاستشراف والتحسّب للمستجدات.
 كما أن هناك ثقافة متراكمة لدى البعض من الكوادر الحكومية وعلى أعلى المستويات في تجنب الميل لتحمل المسؤولية وتفضيل مباركة من له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالقرارات الصادرة.
وسبب آخر للقصور هو أن هناك نقصا واضحا في الشفافية والإفصاح عن المتغيرات والمعلومات التي تهم التطور الاقتصادي والاجتماعي، بما يفسح المجال أمام تعاطي الأكاديميين والخبراء والمهتمين بها من مواقعهم المسؤولة.
كذلك، فإن المجتمع بحاجة إلى تقوية وتعزيز أجهزة البحث الأكاديمي والعلمي والمهني التي تهتم بدراسة شؤون المجتمع كافة، وتضع الدراسات والبحوث والمسوحات الميدانية التي تتخذ كأساس للاسترشاد بها في توجيه دفة المجتمع وعجلة نموه، وتمثل منتديات للتفكير والحوار (think tank) والمساعدة في التوصل للقرارات.
كما أن وجود مجتمع مدني فاعل ومستقل من شأنه أن يسهم دون شك في تكوين رأي عام له القدرة على رفع درجة اهتمام المجتمع بموضوع الإصلاح على الأصعدة كافة.
كما أن إطلاق حرية الصحافة والإعلام يتيح للقنوات الإعلامية نقل كل الآراء، وسيكون من شأنه تشكيل جهة رقابية مستقلة للأجهزة الحكومية ومن ثم الدفع بترشيد القرار الاقتصادي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية