العدد 2513
الثلاثاء 01 سبتمبر 2015
banner
أسعار النفط د. حسن العالي
د. حسن العالي
الثلاثاء 01 سبتمبر 2015

مع تهاوي أسعار النفط الأسبوع الماضي، تتأكد صورة واضحة لتوقعات المؤسسات ببقاء سعر النفط عند 55 دولارا للبرميل عام 2015، ثم يتوقع أن يرتفع إلى 62 دولارا عام 2016 و67 دولارا عام 2017 ثم 70 دولارا للبرميل عام 2018، لكنه لن يعود في المدى المنظور إلى مستويات عام 2013.
ويوضح تقرير وكالة الطاقة الدولية أسباب هذه التوقعات فيقول إن انخفاض أسعار النفط هذه المرة، وخلافا للانخفاضات في فترات سابقة، يتحكم فيه كل من جانبي العرض والطلب أي ان نمو الإنتاج خارج الأوبك هو عامل واحد فقط في ظاهرة الانخفاض. ففي جانب العرض، بات النفط الخفيف الأميركي وتقنيات الاستخراج التي لعبت دورا ضئيلا في الفترات السابقة في زيادة الإنتاج، تشكل موردا ضخما في زيادة العرض وأحدثت انقلابا عميقا في التقسيم التقليدي للعمل بين أوبك وخارج أوبك.
أما في جانب الطلب، فقد شهد تحول في دينامياته بصورة جذرية نتيجة للتحول في الطلب على مزيج الوقود. ففي الاقتصاديات الناشئة خصوصا الصين بات طلبها أقل على مزيج النفط المكثف بسبب التطور التكنولوجي. كذلك التغير المناخي العالمي وتنامي دور الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي. والنتيجة أن جانب العرض بات أكثر مرونة وقدرة على مقاومة المخاوف الجيوسياسية، في حين أن جانب الطلب بات لا يستجيب بشكل كبير لأي انخفاض في السعر. لذلك، فإن التوقعات المتوسطة الأجل لأسعار النفط تشير إلى ارتفاعه التدريجي ليصل إلى 70 دولارا للبرميل عام 2018، ولكنه حتما لن يعود لمستوياته قبل ثلاث سنوات.
في الجانب الآخر، توضح بيانات صندوق النقد الدولي أن سعر تعادل النفط لميزانية البحرين تضاعف لنحو مرتين ونصف خلال السنوات الخمس عشرة الماضية. ففي حين كان يبلغ 57 دولارا للبرميل عام 2000 للبحرين بلغ 135 دولارا عام 2015. ويعتمد سعر تعادل النفط على مجموعة من العوامل وهي تكلفة إنتاج النفط وأعداد السكان، والطلب الوطني للمنتوجات البترولية، حجم الإنتاج النفطي وحجم التصدير، والرسوم والضرائب وسعر الصرف، والعائدات غير النفطيّة، بالإضافة إلى نفقات الحكومة، ويلعب هذا العامل الأخير دورًا رئيسيًا في ارتفاع سعر التعادل للنفط في دول الخليج بينما يلعب تطور تقنيات الاستخراج دورًا معاكسًا.
وإزاء توقعات افتراق أسعار النفط عن سعر التعادل للنفط على المدى المتوسط، بل ربما في الأمد الطويل، لا يبقى أمام البحرين، وأيضًا دول الخليج الأخرى، سوى التوجه بجدية أكبر ووفقًا لاستراتيجيات واضحة على مسارين متوازيين. الأول إعادة هيكلة الدعم وتنويع قاعدة الصادرات سواء من الخدمات أو المنتجات (سنعود لهذا الموضوع في مقالة منفصلة)، والثاني هو الاستثمار بصورة أكبر في التنمية البشرية الوطنية كونها الثروة المتجددة والدائمة، وهما ركنان أساسيان في تحقيق التنمية المستدامة التي وضعها برنامج الحكومة شعارا له.
ويجب أن ننوه هنا الى أن التنمية المستدامة - بما تم التعارف عليه عالميًا - عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات والاقتصاد بشرط أن تلبي احتياجات الحاضر بدون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها. غير أن استمرار نمط الإنفاق الراهن المعتمد كليًا على الدين وتفاقم العجز سوف يحرم الأجيال القادمة من تلبية أدنى احتياجاتها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية