العدد 2511
الأحد 30 أغسطس 2015
banner
الأزمة الصينية د. حسن العالي
د. حسن العالي
الأحد 30 أغسطس 2015

تشهد الصين تراجعًا اقتصاديًا هو الأول من نوعه منذ أكثر من ربع قرن مع تراجع نسبة النمو الاقتصادى إلى ما يقل عن 7 %، وقد حاول بنك الشعب الصيني تبني كل الوسائل المتاحة لإيقاف هذا التراجع، بدءًا من التضييق على إجراء الاقتراض لتنخفض نسبته من 6 % إلى 4.85 %، دون جدوى، لتلجأ الحكومة الصينية إلى ملاذها الأخير، وهو تخفيض قيمة العملة المحلية “اليوان” بتاريخ 11 أغسطس الجاري.
وفي الحقيقة، يمكن القول إن الصين أدركت ومع نهاية العقد الأول من القرن الواحد والعشرين أنها وصلت إلى نهاية قصة النمو المستمر، فسياسة التصنيع الكثيف للتصدير كانت قد استنفذت جميع وسائل اختراق الأسواق العالمية، وأصبحت المورد الأول للسلع المصنعة عالميًا. إلاّ أن الأزمات المالية التي توالت عالميًا منذ خريف العام 2008 نتج عنها انخفاض مزمن في الطلب العالمي على السلع المصنعة، والذي انعكس مباشرة على معدلات الإنتاج والنمو في الصين، وزاد كذلك معدل فشل وإفلاس المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة بمعدلات غير مسبوقة.
لقد تضافرت الكثير من العوامل لتفرز مؤشرات متتالية على تباطؤ الاقتصاد، بدأت الأزمة الصينية قبل شهر من الآن، حين بدأت المؤشرات المالية في الانخفاض تدريجياً يومًا بعد يوم والمخاوف التي ظهرت لدى المستثمرين مع تعليق بعد الشركات تداول أسهمها للهروب من الاضطرابات، فأعراض أزمة اقتصادية ظهرت بالفعل في الصين، كما أن مؤشرات تلك الأزمة لا تقتصر على الهبوط الكبير مؤخرًا في أسعار أسهم بورصة شنغهاي، فهناك تراجعات اقتصادية في القطاع العقاري وغيره من القطاعات، وتغذي أزمة قروض وائتمان هذه التراجعات، وما يجري في الصين في الأشهر الأخيرة يشبه مقدمات الكساد الكبير الذي شهده العالم في نهاية عشرينات القرن الماضي.
الخطوة الصينية بتخفيض العملة، أرسلت موجة من الصدمات إلى سوق السلع، فمؤشر بلومبرج العالمية للسلع الأساسية الذي يتبع أسعار 22 سلعة شهد انخفاضًا لم يحدث منذ بداية الحالي، علمًا بأن مؤشر أسهم الوقود هو المقياس الأصدق والأكثر دقة لمعرفة حركة السوق العالمية؛ نظرًا لأن الوقود هي المحرك لأي مصانع أو حركة إنتاج. كما أثار انكماش النشاط الصناعي الصيني لأدنى مستوياته منذ أكثر من 6 سنوات (77 شهرًا)، مخاوف كبيرة لدى المستثمرين في أسواق المال العالمية، وهذا ما دفعها إلى تسجيل خسائر حادة تذكرنا بما حدث في عام 2008 ودخول العالم في أزمة مالية طاحنة.
وتكبدت البورصات العربية، خسائر فادحة، وسط موجة هبوطية اجتاحت أسواق الأسهم والسلع الأولية حول العالم في ظل حالة عدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد الصيني، وهو ما أجج المخاوف بشأن النمو الاقتصادي العالمي. وفقدت الأسهم المقيدة في 8 بورصات عربية أكثر من 200 مليار دولار من قيمتها السوقية.
كما تأثرت سلبًا أسعار النفط للعقود الآجلة، حيث تراجعت بنحو حاد في تعاملات الأسبوع الماضي، لتواصل خسائرها للأسبوع الثامن على التوالي في أطول وتيرة أسبوعية منذ مارس 1986. وانخفضت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لأدنى مستوى له خلال سبع سنوات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية